دولة السلاجقة.. د. سيد عبد الماجد





دولة السلاجقة

في ظل ضعف الدولة العباسية ، وضع طغرلبك (429 هـ / 1037م) الاسس التي قامت عليها دولة السلاجقة على اقليم خرسان وامتدت سيطرتها الى الشام وكرمان[1]، فقد بلغ من القوة ان استنجد به الخليفة العباسي القائم بأمر الله للقضاء على البويهيون ونجح في ذلك ، ثم قضى على تمرد اخيه " ابراهيم ينال" وقضى على ثورة البساسيري الشيعي وتراوحت العلاقة بين طغرلبك والخليفة العباسي بين شد وجذب الى ان توفى طغرلبك.
وخلف طغرلبك في السلطنة الب ارسلان الذي استطاع ان يوسع نفوذه الى حلب ومكة والمدينة وانتصر على الروم في معركة ملاذ كرد ، وبوفاته خلفه ابنه ملكشاه والذي قضى على الثورات واعاد الاستقرار وفي عهده حدث تطور هائل في التعليم وبوفاته في سنة 485 هـ / 1092م بدا تضعف الدولة السلجوقية وتنافس امرائها على السلطنة وعجزت عن التصدي لأعدائها من الصليبين والحشاشين ، وبدأت الدولة السلوجوقية تفقد سيطرتها على الاقليم بهزيمة السلطان سنجر ( اخر السلاجقة العظام) امام القراخطائيين في سنة 536 هـ / 1141م والاعوام التالية فقدت سيطرتها على اجزاء من العراق الى قضى عليهم الخوارزميون في عام 590 هـ/ 1194م. اما في اقليم كرمان فقد انتهى نفوذ سلاجقة كرمان في العام 583 هـ/ 1187م لصالح التركمان ، فيما فقد سلاجقة الشام سيطرتهم على الجزيرة والشام في  سنة 511 هـ/ 1117 لصالح اتابكة الشام والجزيرة ، فيما استمر نفوذ سلاجقة الروم في آسيا الصغرى الى ان قضى عليهم الاتراك العثمانيون في سنة 700 هـ / 1301م.
نلقي الضوء في هذه الورقة البحثية على الوضع السياسي اثناء سيطرة الدولة السلجوقية على اقاليم خراسان وايران والعراق، وكيف انتهت سيطرة السلاجقة على الاقاليم الاسلامية ؟.
اذن يمكن ان تضيف الينا هذه الورقة ما يلي:
-         التعرف على كيفية نشأة الدولة السلجوقية
-        فهم المراحل التاريخية التي مرت بها الدولة السلجوقية


نشأة الدولة السلجوقية وتوسع نفوذها الجغرافي
ينحدر السلاجقة من قبيلة قنق الغزية وينتمون الى جدهم سلجوق بن دقاق وهو من اعيان ترك الحزر ، اذ عمل وزيرا للخاقان بيغو احد خانات تركستان[2]، وبعد ان دب الخلافات بينهما اضطر سلجوق الى مغاردة تركستان مع قبيلته الى بلاد ما وراء النهر ، فيقول ابن الاثير " كانت امرأة الملك – ملك الترك- تخوفه من سلجوق لما ترى من تقدمه ، وطاعة الناس له ، والانقياد اليه، واغرته بقتله، وبالغت في ذلك. وسمع سلجوق الخبر، فسار بجماعته كلهم ومن يطيعه من دار الحرب الى ديار الاسلام."[3] حيث تأثر بالإسلام واعتنق المذهب الحنفي السائد لدى السامانيين حكام هذا الاقليم في ذلك الوقت وظل السلاجقة حلفاء للسامانيين فخاضوا معهم الحروب ضد القراخانيين وجيش صوباشي تكين وضد جيش الايلك خان حتى زالت دولتهم في عام 389 هـ/ 999م. ونستطيع ان نلاحظ ان السلاجقة في هذه الحقبة الزمنية كان هدفهم يتمثل في الحصول على الغنائم وتحسين وضع القبيلة من خلال تقديم الخدمات لمن يطلبها مقابل المال او تأمين المراعي لماشيتهم دون تفكير في تأسيس امارة خاصة بهم[4].

اولا- نشأة الدولة السلجوقية
بعد انتهاء دولة السامانيين وظهور دولة الغزنويين قرر السلطان محمود الغزنوي القضاء على السلاجقة الذين كونوا جيشا منظما خاصا بهم وسيطروا به على المراعي الموجودة في نور بخارى والصغد وسمرقند[5]، ولذلك تحالف السلطان محمود الغزنوي وقدرخان يوسف زغيم القراخانيين وملك المشرق للقضاء على السلاجقة[6] .
وقد نجح التحالف في اسر زعيم السلاجقة "اسرائيل بن سلجوق" وعدد كبير من السلاجقة وتشتت الجيش السلجوقي وسمح لمن تبقى منهم بالاستقرار في اقليم خراسان في عام 418هـ / 1027 م  ، وكثرت شكاوى الناس في القرى والمدن المجاورة لخرسان من اعمال الشغب والاغارة التي يقوم بها السلاجقة ، فاتجه السلطان محمود الغزنوي للقضاء عليهم وقتل منهم اعداد كبيرة في رباط فراوة في سنة 419هـ / 1028م ، وما لبث ان توفى ميكائيل بن سلجوق زعيم السلاجقة وخلفه ابنه طغرلبك محمد في زعامة العشائر السلجوقية وساعده في ذلك اخوه جفري بك داوود الذين استطاعا هزيمة السلطان مسعود العزنوي وطرد العزنويين من شمال خرسان ودانت لهم السيطرة على اقليم خرسان بالكامل ولم تدم لهم السيطرة اذ انتصر عليهم شاه ملك حاكم جند في سنة 425 هـ/ 1025م[7].
وقد اراد السلطان مسعود الغزنوي القضاء تماما على السلاجقة الا ان جيشه هزم هزيمة ساحقة في سنة 426هـ / 1035م واضطر الى قبول الصلح معهم واعطى السلاجقة حكم بعض المناطق وهو ما اثار لديهم الثقة فواصلوا الاستيلاء على مناطق اخرى ودارت بينهم بين جيش السلطان مسعود حربا بقيادة حاجبه صوباشي في مدينة سرخس وانتصر السلاجقة ودخلوا نيسابور واعلنوا قيام دولتهم بقيادة طغرلبك في سنة 429هـ/ 1038م ولقب نفسه بلقب " السلطان المعظم ركن الدنيا والدين ابو طالب محمد ، ودانت له السيطرة على مرو وسرخس وبلخ في الشرق ونيسابور في الغرب من اقيم خراسان.
اتجه السلطان مسعود الغزنوي الى قتال السلاجقة عند حصن دندانقان فجرت المعركة وانتهت بانتصار السلاجقة في 9 رمضان 431 هــ/ 24 يونيو 1040م ، وبهذا الانتصار انتهى حكم الغزنويين نهائيا لخراسان التي دانت لسيطرة السلاجقة وقامت سلطنة اسلامية جديدة وانسحب السلطان مسعود الغزنوي نهائيا الى الهند[8].
ثانيا - شرعية الدولة السلجوقية
اتجه السلاجقة الى توسيع نفوذهم خارج خراسان ، وتمت السيطرة لهم على جرجان وطبرستان في بلاد فارس في عام 433هـ / 1041م.[9] وفي العام التالي سيطر طغرلبك (السلطان الاعظم) على خوارزم وسيطر اخوه ابراهيم ينال على همذان ، وتوسعت الدولة السلجوقية في كل بلاد فارس من بحر قزوين في الشمال الى كرمان في الجنوب ، وقد شمل اقليم الدولة الجديدة خراسان وكرمان واذربيجان وهمذان وجرجان[10].
توطيد العلاقة مع الخليفة: قد اتخذ السلاجقة مسلك الطاعة للخليفة العباسي القائم منذ بداية تأسيس دولتهم وهو ما لاقي الترحيب من الخليفة واعطاهم كتاب تفويض بحكم البلاد التي تحت ايديهم، ومن ثم توطدت العلاقة وظهرت طاعة السلطان طغرلبك في انصياعه لطلب الخليفة بالصلح مع الامير البويهي اببي كاليجار والملك جلال الدولة في عام 436 هــ/ 1045م.
توسع طغرلبك باتجاه العراق: في ظل استمرار النفوذ البويهي في العراق وتنازع امرائهم تجددت ثورات الجند وحاصروا دار الخلافة في عام 446 هـ / 1054م ، فاستغل طغرلبك تردى الاوضاع ودخل همذان في 447 هـ / 1055م واستأذن الخليفة القائم في دخول بغداد فإذن له فدخلها في موكب عظيم استقبله فيها كبار رجال الخلافة العباسية[11].
القضاء على تمرد ابراهيم ينال السلجوقي: انحاز ابراهيم ينال الى جانب الفاطميين املا في استخلافه على الدولة السلجوقية بديلا لاخيه السلطان طغرلبك ، واعلن العصيان في عام 450 ه/ 1058 م.[12]  فخرج طغرلبك للقضاء على حركة التمرد وهو ما استغله البساسيري في الزحف الى بغداد على رأس قوة عسكرية سيطر بها على بغداد وارغم الخليفة القائم على كتابة عهد اعترف فيه بأنه لا حق لبني العباس في الخلافة مع وجود بني فاطمة الزهراء وطلب الخليفة الامان من قريش بدن بدران العقيلي فأجابه الى طلبه،  ثم كان ان دعي يوم الجمعة 13 ذو القعدة 451 ه للمستنصر الفاطمي في جامع المنصور ببغداد وقطعت الخطبة على العباسيين، وما كان من الخليفة الا ان ان ارسل وهو في الاسر رسالة الى السلطان طغرلبك يستنجد به.
اعادة الخليفة القائم الى بغداد: استطاع السلطان طغرلبك ان يعيد الخليفة العباسي القائم الى بغداد بالاتفاق مع الامير محيي الدين مهارش العقيلي ، واعيد الدعاء للعباسيين في بغداد بعد انقطاع سنة كاملة ، وعهد الخليفة الى طغرلبك مهمة القضاء على البساسيري وهو مع حدث بالفعل في معركة الكوفة في سنة 451ه/ 1060م انتصر فيها السلاجقة وقتل البساسيري.
التوسع السلجوقي باتجاه الاراضي البيزنطية: كان السلطان طغرلبك يرغب في السيطرة على ارمينية حتى يتمكن من نشر الدين الاسلامي والحصول على المزيد من الموارد الاقتصادية واضافة مزيد من الدعم العسكري لدولته الوليدة ، وجاءت هذه الحملات تحت راية الجهاد واغراء اتباعه بالمزيد من الثروات.، وهو ما دفعه الى ارسال اخيه ابراهيم ينال  الاغارة على على الكرج وارمينية وارزن وقاليقلا حتى وصل الى البحر الاسود في عام 440هـ / 1054م ، اما السلطان طغرلبك فقد طلب من الامبراطور قسطنيطين التاسع مونوماكوس امبراطور بيزنطة السماح له باجتياز بلاده للقضاء على الفاطميين في مصر وهو ما رفضه الامبراطور لزعمه بوجود هدنة مع المستنصر تمنعه من ذلك ، وهو ما دفع السلطان طغرلبك الى قيادة حملة كبيرة في عام 446 ه / 1054 م الى الاراضي الارمنية ، وجدد السلاجقة هجماتهم على الاقاليم البيزنطية في عهد الامبراطور قسطنطين العاشر دوكاس في الفترة من (451ه – 459 هـ / 1059 م – 1067م).
تولى الب ارسلان حكم الدولة السلجوقية ( ثاني السلاطين العظام) : بوفاة السلطان طغرلبك ومن قبله اخيه جفري بك ، تولى السلطان الب ارسلان ( 455ه – 465 ه / 1063م – 1072م) مقاليد الحكم بمباركة من معظم العشائر السلجوقية ، ونال لقبا جديد من الخليفة العباسي القائم ونودي في مساجد بغداد باسم السلطان المعظم عضد الدولة وتاج الملة ابا شجاع الب ارسلان محمد بن داوود ، وقد عين السلطان ابنه ملكشاه وليا للعهد[13].
وفي عهد السلطان الب ارسلان سيطر السلاجقة على ارمينية واصبح الطريق الى شمال بلاد الشام والاناضول مفتوحا امام السلاجقة، فهاجموا القلاع البيزنطية في الرها وانطاكية في عام 458 ه / 1065م ونجح السلطان في السيطرة على حلبا صلحا حيث ولى عليها اميرها محمود بن في عام 463ه/ 1071م [14].
السلطان الب ارسلان ومعركة ملاذكرد : بعد فترة طويلة من المهادنة مع البيزنطيين ، ادرك السلطان انهم يهدفون الى القضاء على الدولة السلجوقية ومن بعدها الخلافة الاسلامية، فأعد جيشه تحت راية الجهاد ودارت معركة ملاذكرد في عام 463 ه / 1071م وانتصر السلطان واسر امبراطور الروم وعقد معه هدنة وافرج عنه بعد دفع فدية وجزية سنوية وامداد السلطان بالعساكر اللازمة عند الطلب.[15]
وفاة السلطان الب ارسلان : بانتصار السلطان في ملاذكرد اتجه مع قواته الى جنوبي بلاد الشام لاخرج الفاطميين منها الا انه رجع الى بلاد ما وراء النهر لقمع تمرد اصهاره عليه في عام 465 ه / 1072م ، وارسل قائده اتسز الى دمشق ولكنه فشل في اقتحامها فاتجه الى فلسطين وطرد الفاطميين منها.
وقد توفى السلطان الب ارسلان في عام 465 / 1072 متأثرا بجراحه التي اصيب بها بعد عودته بلاد ما وراء النهر لاخماد التمرد عليه ، وكان ذلك بعد سنة واحدة من معركة ملاذكرد التاريخية وبعد ان توسعت دولة السلاجقة من بين بلاد ماوراء النهر الى بلاد الشام وآسيا الصغرى ، وبعد ان اقام دولة قوية وانشأ المدارس النظامية فيها.[16]
تولى السلطان ملكشاه حكم الدولة السلجوقية ( ثالث السلاطين العظام)[17]:
 بوفاة والده السلطان الب ارسلان 465ه/ 1072 تولى ملكشاه حكم الدولة السلجوقية ، وبدأ عهده بالقضاء على تمرد عمه واخيه والقضاء على عصيان حاكم سمرقند ، كما سار الى حلب وحاصرها اياما ، يقول ابن خلدون " ثم سار في سنة اثنتين وسبعين الى حلب فحاصرها اياما ، وافرج عنها ، وملك مراغة والبيرة، وعاد الى دمشق وخالفه مسلم ابن قريش الى حلب فملكها كما تقدم في اخبارها وضمنها للسلطان ملك شاه فولاه اياها."[18]
 وظلت علاقة حكام السلاجقة بالخليفة علاقة سيطرة وخضوع يعلو فيها السلطان السلجوقي على الخليفة نفسه ، وكان السلطان ملكشاه قد عزم على خلع الخليفة المقتدي الذي استمال ود السلطان بطلب الزواج من ابنته، وهو ما حدث بالفعل وعزم السلطان ملكشاه على بناء دار للخلافة في اصفهان ونقل مقر الخلافة من بغداد الي اصفهان على ان يتولى حفيده الخلافة بعد وفاة الخليفة المقتدي الا ان القدر لم يمهل السلطان ملكشاه فتوفي في عام 485 م 1092م.
وبوفاته انتهى العصر الذهبي للدولة السلجوقية، وبدأ عهد الانقسامات السياسية والحروب بين افراد الاسرة السلجوقية.[19]

تفكك الدولة السلجوقية وزوالها
بعد وفاة السلطان ملكشاه تولى عرش السلطنة السلجوقية عدد من السلاطين الذي تراجعت في عصورهم الدولة السلجوقية ، فلم يمكث السلطان محمود بن ملكشاه في الحكم سوى سنتين ثم توفى في عام 487ه/ 1094م ، وخلفه السلطان بروكياروق بن ملكشاه وحدثت الكثير من النزاعات على الحكم في عهده مع عمه تتش وعمه ارسلان ارغون ، كما صارت الوزراة ايضا محلا للتنازع مما اثر على الاوضاع الداخلية في الدولة[20]. يقول العلامة ابن خلدون انه " سار بركيارق والنظامية إلى الريّ فأطاعه أرغش النظامي في عساكره، وفتحوا قلعة طغر عنوة، وبعثت خاتون العساكر لقتال بركيارق فنزع إليه سبكرد وكمستكن الجاندار وغيرهما من أمراء عساكره، ولقيهم بركيارق فهزمهم وسار في أثرهم إلى أصبهان فحاصرهم بها. وكان عز الملك بأصبهان، وكان والياً على خوارزم فحضر عند السلطان قبل مقتل أبيه، وبقي هناك بعد وفاة السلطان فخرج إلى بركيارق، ومعه جماعة من اخوانه فاستوزره بركيارق، وفوض إليه الأمور كما كان أبوه."[21]
لم تقتصر الخلافات بين السلطان بروكياروق على ذلك فحسب بل احتدم الصراع السلجوقي الصليبي وعدم قدرتها على صد الزحف الصليبي[22]، الى ان توفى السلطان بروكياروق بن ملكشاه في عام 498ه/ 1104م.
وقد حكم السلطان سنجر الدولة السلجوقية طيلة 61 سنة منها عشرون سنة ملكا على خراسان ، ثم واحد اربعين عاما سلطان السلاجقة العظام.[23] وبوفاته في عام 552 ه/ 1157م، انتهى حكم السلاجقة العظام بفعل ثورة الغز بعد مرحلة زمنية طور فيها السلطان سنجر دولته فاهتم بالتعمير والشعر وعمل على احلال الامن والاستقرار وحلت الرفاهية على الرعية[24].
وفي العراق مع وفاة السلطان محمود في عام 525 هـ/ 1131م  بدأ الصراع على السلطة بين الامراء السلاجقة ودخل الدولة السلجوقية في العراق في حالة من الفوضى والاضطراب[25] وخاصة مع الصراعات المستمرة بين ابنيه مسعود وسلجوق شاه والتي انتهت بالصلح حتى لا يستغل الخلاف عمهما السلطان سنجر الذي اراد بسط سيطرته على اقليم العراق[26].
وكانت لحادثة القبض على الخليفة المسترشد من قبل السلطان مسعود اثرها في تحول الامور نحو ضعف وضع السلطان ، فقد قتل الخليفة وهو مقبوض عليه حيث قتله الحشاشين وتولى بعده ابنه ابوجعفر المنصور الملقب بالراشد بالله الذي قاتل السلطان مسعود ولكنه هزم واثناء هروبه الى اصفهان قتله الحشاشين ايضا، وهكذا حلت الفوضي بغداد زمنا الى ان استطاع الخليفة المقتفى ترتيب جيشه مستغلا حالة الصراع بين السلطان مسعود وعدد من الامراء السلاجقة 541ه/1146م.[27] وقد تفاقم وضع السلاجقة في العراق مع هذه الصراعات الى ان توفى السلطان مسعود في همذان في عام 547 / 1152 و بوفاته لم يقم للبيت السلجوقي قائمة ولم ترفع له بعده راية يعتد بها.[28] فقد ازداد نفوذ الامراء والاتابكة الذين سيطرو على معظم بغداد واستولى الخليفة المقتفي على ممتلكات الامراء السلاجقة وجهز جيش كبيرا وعزل موظفي السلاجقة وعين الولاة في الولايات ، وهزم جيش مسعود الملالي وصد هجوم جيش السلطان ملكشاه في عام 548ه/1153م ، بهذا سيطر الخليفة المقتفي على العراق من اقصى الكوفة الى حلوان ومن تكريت الى عبادان.[29]
كما فشل السلطان محمد في حصاره لبغداد ونجح الخليفة في ترتيب اوضاع بغداد الداخلية الى ان توفي السلطان محمد في عام 554 ه / 1159م ودب الصراع على من يخلفه بين الامراء السلاجقة.
وبعد وفاة الخليفة المقتفي في عام 555ه / 1160م تولى ابنه المستنجد الخلافة واستمر كأبيه في رفض تدخلات السلاجقة في امور بغداد الى ان توفى وتولى من بعده ابنه المستضيء في عام 566 ه / 1170م واستمر ايضا في رفض رغبات السلاجقة واستبدادهم.
اما اخر سلاطين السلاجقة في العراق فكان السلطان طغرل ابن ارسلان شاه وان كانت السلطة الحقيقية قد تركزت في يد جهان بهلون ابن القائد الاتابكي ايلدكز ، ووامتد نفوذ السلطان طغرل الى جانب العراق الى همذان والري واصفهان واذبيجان في عصر الخليفة العباسي الناصر الذي خلف اباه الخليفة المستضيئ.[30]
وهكذا، وبعد صراع طويل بين السلطان طغرل وقتلغ اينانج والخوارزميين قتل طغرل في 590 ه / 1194 ، واسدل الستار على الدولة السلجوقية في العراق للابد وكانت دولة السلاجقة الكبار في ايران وخرسان قد زالت من قبل، ولم يبقى الا سلاجقة الروم في آسيا الصغرى.[31]


















المصادر والمراجع


[1] د محمد سهيل طقوش ، تاريخ السلاجقة في خراسان وايران والعراق ( 429 – 590/1038 – 1194 ، دار النفائس ، بيروت، 2016م، ص 5 ، عماد الدين الاصفهاني، تاريخ دولة آل سلجوق، شركة طبع الكتب العربية القاهرة، 1900، ص 8.
[2] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة في خراسان وايران والعراق ،المرجع السابق،  ص 43
[3] ابن الاثير، عز الدين ابو الحسن علي بن محمد بن ابي الكرم الشيباني، الكامل في التاريخ، المجلد التاسع ، دار صادر، ص 474.
[4] عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، مرجع سابق ص 7
[5] محمد سهيل قطوش ، تاريخ السلاجقة ..، المرجع السابق، ص 50
[6] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 45
[7] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 51
[8] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 55
[9] عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 13
[10] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 59
[11] عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 24
[12] عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 22، محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 60
[13] عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 27
[14]محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 109 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 27
[15] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 113
[16] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 119 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص44
[17] عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 52
[18] تاريخ العلامة ابن خلدون ، الجزء الخامس ، ص 10
[19] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق،ص 127 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 76
[20] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 155 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق،ص 80 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 115
[21] تاريخ العلامة ابن خلدون، الجزء الخامس ، ص 11
[22] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 180
[23] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 222 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 130
[24] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 221
[25]  محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق، ص 223 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق،ص 139
[26]محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق،  ص 239 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق،ص 142
[27] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق،  ص 244 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 145
[28] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق،  ص 247 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 149 ، تامارا تالبوت رايس ، ترجمة لطفي الخوري وابراهيم الداقوقي ، السلاجقة تاريخهم وحضارتهم، مطبعة الارشاد ، بغداد، 1968م، ص 157.
[29] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق،  ص 248 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، 272
[30] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق،  ص 552 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 273
[31] محمد سهل قطوش ، تاريخ السلاجقة ، المرجع السابق،  ص 254 عماد الدين الاصفهاني ، تاريخ دول آل سلجوق، المرجع السابق، ص 276.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراحل ابرام المعاهدات في القانون الدولي.. د. سيد عبد الماجد

تاريخ اكتشاف النفط في قطر .. د. سيد عبدالماجد

الاجماع .. كأحد مصادر التشريع الاسلامي