تحيا المرأة المغربية



مع جلالة الملك محمد السادس
الدستور المغربي : تحيا المرأة المغربية
تتعرض المرأة منذ بداية التاريخ الانساني لاصناف مختلفة من التمييز مع الرجل ، فعلى الرغم من تعدد الحضارات الانسانية القديمة الا ان المرأة لم تأخذ معظم حقوقها الانسانية بالمساواة مع الرجال سوى في ظل الشريعة الاسلامية و المواثيق الدولية والنصوص الدستورية الحديثة فقد بدأ المجتمع الدولي في الاهتمام بحقوق المرأة من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948 م.
ويعد احترام حقوق الإنسان ( والمرأة بشكل خاص ) مؤشر قوي على مستوى التحضر في المجتمع، ودرجة سيادة الديمقراطية في علاقة السلطة بالمجتمع في أي من البلدان المعاصرة ، وهو ما دعى المجتمع الدولي الى ابرام اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة بموجب قرار الامم المتحدة رقم 180/34 بتاريخ 18 ديسمبر 1979م. وتجتمع المواثيق الدولية على مبدأ عدم جواز التمييز بين المرأة والرجل في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية.
لذلك فقد دأبت الدساتير الحديثة على تضمين هذا المبدأ بين نصوصها ومن بينها الدستور المغربي . فمن المواد الدستورية المغربية التي راعت بعضا من حقوق المرأة نجد نص المادة 19 والمادة 31 ، فماذا يقول  الدستور المغربي ؟
الضمانة الاولى : التأكيد على حقوق المرأة وانشاء هيئة المناصفة ومكافحة التمييز ضد المرأة
تنص المادة 19 من الدستور المغربي على انه : يتمتع الرجل والمرأة ، على قدم المساواة ، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور ، وفي مقتضياته الاخرى ، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية ، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق احكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها .
تسعى الدولة الى تحقيق مبدا المناصفة بين الرجال والنساء.
وتحدث لهذه الغاية ، هيئة للمناصفة ومكافحة كل اشكال التمييز."
يتضح من هذا النص ان للمرأة المغربية حقوقا تتطابق مع احكام الاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة عندما قرر مساواتها مع الرجل في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
كما ان النص المغربي يؤكد على ان احكام الاتفاقيات والمواثيق الدولية بشأن المرأة تطبق في المغرب باعتبارها نصوصا مغربية.( الفقرة الثانية من المادة 19).
ولتحقيق عملية المساواة بين المرأة والرجل قررت المادة انشاء هيئة تختص لمكافحة التمييز ضد المرأة تحت مسمى هيئة المناصفة ومكافحة التمييز ضد المرأة.
وبذلك يكون الدستور المغربي قد حقق مجموعة من المطالب التي كانت تطمح إليها المرأة وتسعى إلى تحقيقها، ومن بين ابرزها مسألة المناصفة والحقوق السياسية ، ولتطبيق هذا المطالب على ارض الواقع ، فقد قرر انشاء هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمميز.

الضمانة الثانية:  دور الدولة في تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في العديد من المجالات:
تنص المادة 31 من الدستور المغربي على انه : " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، على تعبئة كل الوسائل المتاحة ، لتيسير اسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة ، من الحق في:
-        العلاج والعناية الصحية،
-    الحماية الاجتماعية والتغطية الصحيةو التضامن التعاضدي او المنظم من لدن الدولة،
-        الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة،
-        التنشئة على التشبث بالهوية المغربية والثوابت الوطنية الراسخة،
-        التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية،
-        السكن اللائق ،
-    الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل او في التشغيل الذاتي،
-        ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق،
-        الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة،
-        التنمية المستدامة."
تشير هذه المادة الى دور الدولة في تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في العديد من المجالات الحياتية الهامة وخاصة في مجال التوظيف بالوظائف العامة والمشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية[1].
ومن الحقوق الاجتماعية المقررة دستوريا للمرأة الحق في العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن الاجتماعي من الدولة، التعليم الجيد، والتكوين المهني، والاستفادة من التربية البدنية والفنية، السكن االائق، وولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق، معالجة الأوضاع الهشة لفئاة من النسائ والأمهات والأشخاص المسنين والوقاية منها.
وقد قررت القوانين المغربية الحقوق السياسية للمرأة ، فنجد ان القانون التنظيمي للاحزاب السياسية المغربي لسنة 2011 يقرر في الفصل 26 على كل حزب سياسي أن يعمل على توسيع مشاركة النساء والشباب في العمل السياسي، وبالتالي في التنمية السياسية للبلاد مع العمل على احتلال النساء ثلث المناصب القيادية في الهيئات التقريرة للأحزاب مركزيا ومحليا في أفق تحقيق المناصفة مع الرجال وفي هذا الشأن وبخصوص الاستحقاقات الانتخابية تم تبني الانتخاب اللائحي النسبي، مع إقرار لائحة وطنية للنساء.[2]
كما ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية(الفصل 30)

خلاصة القول يمكن التأكيد على ان المرأة المغربية تتمتع بحقوق لا تقل عن نظيرتها في الدول الاوروبية ،وبشكل خاص ما يلي:
-      حظر ومكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة ؛
-      تفعيل المساواة ومشاركة المواطنين والمواطنات؛
-      إنشاء هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز؛
-      مناهضة العنف وكل أشكال المعاملات القاسية الحاطة بالكرامة الإنسانية؛
-      تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية؛
واذا بقى من كلمة أخيرة ، فكلنا رجاء من جلالة الملك محمد السادس ان يواصل جهوده نحو اعلاء شأن المرأة المغربية والوقوف دائما امام تجاوزات البعض في قطاعات الدولة لحقوق المرأة الدستورية.

د. السيد عبدالماجد
مركز الدراسات القانونية الاقتصادية واللوجستيات
الاسكندرية - مصر
sayed.quisay@gmail.com
00201115870807 




[1] سمير بلمليح: " حقوق المرأة والمساءلة الديمقراطية في البلدان الإسلامية "، مجلة مسالك، عدد 23-34، 2013، ص 19
[2] رتيبة ركلمة: " المرأة في الدستور المغربي الجديد"، دريدو المنعطف، 30 يونيو 2011 عدد 4070، ص 4

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراحل ابرام المعاهدات في القانون الدولي.. د. سيد عبد الماجد

تاريخ اكتشاف النفط في قطر .. د. سيد عبدالماجد

الاجماع .. كأحد مصادر التشريع الاسلامي