كيف تعاملت قطر مع الجريمة الالكترونية؟

 كيف تعاملت قطر مع الجريمة الالكترونية

تعد الجرائم الالكترونية من الجرائم الحديثة المرتبطة باهم مبتكرات التكنولوجيا المعاصرة وهى شبكة الانترنت ، ولا تقتصر آثارها على اقليم الدولة بل هى تمتد عبر الحدود الى كافة دول العالم ، وتتعد آثارها وارتباطها بالعديد من الجرائم مثل الارهاب الدولي والاتجار غير المشروع بالبشر وغسل الاموال وتزييف العملات وجرائم المخدرات.. وغيرها من الجرائم. لذلك فإن مكافحة الجرائم الالكترونية يجب ان يسير على مستوى وطني محلي وآخر دولي .
وتتناول هذه الورقة البحثية مفهوم الجرائم الالكترونية وصورها ، والاليات الدولية والوطنية في مكافحتها ، وذلك على النحو التالي:

اولا – تعريف الجرائم الالكترونية
يمكن تعريف الجريمة الالكترونية بأنها كل فعل أو نشاط يتم بطريقة غير مشرعة باستخدم وسائط التقنية العلمية الحديثة عبر وسائل كالحاسب الالى والهواتف المحمولة[1].
فهي كل سلوك غير مشروع  أوغير أخلاقي اوغير أخلاقي اوغير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات ونقلها ".
وقد تستخدم التقنية كوسيلة في ارتكاب الفعل الذي تحدث فيه الجريمة أو ان تكون التقنية هى الهدف أو الغاية لارتكاب الفعل المجرَّم.
ويقصد بالوسيط آلة تقنية كجهاز الحاسب الآلي فهو وسيلة للفعل الإجرامي الإلكتروني ، يضاف الى ذلك الهواتف المحمولة كالجيل الثالث والرابع ..الخ.
وتتم هذه الجرائم عبر الانترنت بسرعة فائقة دون رقيب أو حسيب متغلبة على الرقابة الالكترونية ان وجدت.
ومن امثلة هذه الجرائم السطو على برامج الحاسوب بغرض سرقة البيانات وقاعدة المعطيات المعلوماتية حتى السرية منها واستخدامها في التجسس، أو تلك المتعلقة بالقرصنة والسطو على الأموال إلى جانب ظهور ما اصطلح عليه بالإرهاب الإلكتروني وتهديد الأمن القومي للدول، وكذا جرائم الآداب العامة والمساس بالأخلاق من خلال الإباحية الإلكترونية التي تجسدها المواقع الجنسية الإباحية[2].
ثانيا – بعض صور الجرائم الالكترونية
يمكن الاشارة الى مجموعة من اهم الجرائم التي ترتكب بواسطة شبكة الانترنت، والتي تتسم بطابع خاص او افتراضي ، وهى[3] :
1)   جرائم النصب والاحتيال عبر الإنترنت
2) سرقة حقوق الملكية الفكرية عن طريق نسخ البرامج الأصلية وتسويقها أو استخدامها دون إذن مسبق وإعادة إنتاج المعلومات المسجلة عبر الإنترنت بصورة غير مشروعة، أو تقليدها
3)   عمليات التجسس الالكتروني على الدول عبر الإنترنت، ومحاولة اختراق أنظمتها العسكرية.
4)   نشر مواقع تخريبية وفيروسات التي تؤدي الى تدمير أنظمة الحاسب للغير
5)   الاعتداء علي الحياة الخاصة للأفراد وجرائم السب والقذف عبر الانترنت
ثالثا – مكافحة الجريمة الالكترونية في قطر
1-من الناحية التشريعية
مع التطور التكنولوجي وظهور الاموال الالكترونية ذات الطبيعة المعنوية كالنقود الالكترونية وبطاقات الائتمان ، تطورت السياسة التشريعية فتوسعت النظرة الى اضافة الاموال ذات الطبيعة المعنوية الى جانب الاموال العادية من اجل وضع عقوبات رادعة على الجرائم التي ترتكب بشأنها[4].
في اطار التعاطي مع المساعي الدولية لمكافحة الجرائم الالكترونية ،وضع المشرع القطري عقوبات صارمة على مرتكبي الجرائم الالكترونية من خلال القانون رقم 14 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الالكترونية ، ومن ابرز العقوبات الورادة بالقانون ما يلي :
§       الحبس 3 سنوات والغرامة 500 ألف ريال عقوبة إدارة موقع لتنظيم إرهابي
§       نشر أخبار تعرض الدولة للخطر عقوبتها الحبس 3 سنوات والغرامة 500 ألف ريال
§       ترويج الأخبار الكاذبة ضد سلامة الدولة عقوبتها الحبس سنة والغرامة 250 ألف ريال
§       الحبس 5 سنوات والغرامة 500 ألف ريال عقوبة إنتاج مادة إباحية عن الطفل
§       الحبس 3 سنوات والغرامة 100 ألف ريال عقوبة التعدي على الحياة الخاصة
§       التهديد والابتزاز الألكتروني عقوبته الحبس 3 سنوات والغرامة 100 ألف ريال
§       انتحال هوية الشخص الطبيعي أو المعنوي عقوبتها الحبس 3 سنوات والغرامة
§       عقوبات رادعة لجرائم التعدي على حقوق المؤلف والعلامات التجارية
كما ان القانون يحدد صلاحيات والتزامات النيابة العامة ومزودي الخدمة وأجهزة الدولة بشأن الجرائم الالكترونية  ، بالاضافة الى ضوابط لآليات المساعدة القانونية مع الدول الأجنبية للتحقيق في القضايا وحالات لرفض تسليم المجرمين.. وعقوبات لإفشاء سرية الإجراءات بالقانون.
كما نص القانون على إعفاء المبلغين للسلطات المختصة عن الجريمة والمشتركين فيها من العقوبة
2-تنظيم الفعاليات التعريفية بالجرائم الالكترونية
تنظيم العديد من الجهات في قطر ندوات ومؤتمرات حول مكافحة الجرائم الالكترونية ، عن طربق وزارة العدل ومركز الدوحة لحرية الاعلام و مركز مكافحة الجرائم الالكترونية بوزراة الداخلية القطرية[5].
رابعا – نحو مكافحة فعالة ضد الجريمة الالكترونية
لا تنحصر آثار الجرائم الالكترونية في نطاق الاقليم الجغرافي لدولة واحدة ، ذلك بسبب تنوع وتوسع نطاق الاسواق الالكترونية مما يتيح لاطراف العملية التجارية التعامل بسهولة بغض النظر عن مواقعهم وبعد المسافات فيما بينهم[6] ، لذلك يلزم الدفع نحو المزيد من التعاون الدولي في هذا الشأن ، وفي ذلك نقترح الاتي:
1-تبادل الخبرات والمساعدات الفنية
نظرا للسرعة الهائلة في تطور البنى التقنية لبرامج الحاسب الالي والهواتف المحمولة المستخدمة في ارتكاب الجرائم الالكترونية، وهو ما يمثل عائقا امام الدول النامية لملاحقة الجريمة الالكترونية ، فينبغي تبادل العناصرالادارية والتقنيات الفنية وتعزيز القدرات بين مختلف الاجهزة ذات الصلة في كافة الدول،فيتم تحليل ونشر البيانات والمعلومات المتاحة حول الجرائم الالكترونية والاليات المبتكرة في مكافحتها ، وتقديم الخدمات الاستشارية المتعلقة بمواجهة كافة الجرائم المرتبطة بالجرائم الالكترونية كجرائم غسل الاموال والارهاب الالكتروني غيرها بهدف حرمان المنظمات الاجرامية من تنفيذ مخططاتها.
ووسيلة التعاون في ذلك يمكن ان تكون من خلال تقديم المساعدات التقنية بالتدريب على البرامج المتطورة والتدريب على تنفيذ القوانين ، حتى لو اقتضى الامر تحديث وتعديل بعض النصوص في قوانين الاجراءات الجنائية لتتناسب مع طبيعة الجرائم الالكترونية المبتكرة[7].
2-تبادل المعلومات
أوصى مؤتمر الأمم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين بتطوير التبادل المعلوماتي بوصفه عنصراً رئيسياً من عناصر خطة العمل الدولية لمنع الجريمة ومكافحتها كما أوصى منظمة الأمم المتحدة أن تنشئ قاعدة معلوماتية للإعلام الدول الأطراف بالاتجاهات العالمية في مجال الجريمة.
و قد نصت إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة في المادة  20  المعنونة : جمع وتبادل المعلومات عن الجريمة المنظمة  على أنه :" يتعهد الأمين – بمساعدة من معهد الأمم المتحدة  لأبحاث الجريمة والعدالة وغيره من مؤسسات برنامج الأمم المتحدة لمنع الجريمة و العدالة الجنائية – بجمع وتحليل المعلومات العامة ونتائج الأبحاث الخاصة بالجريمة المنظمة ، و بإعداد دراسات للإتجاهات العالمية للجريمة المنظمة وسياسات وتدابير منع الجريمة المنظمة ومكافحتها "
لذلك يجب تفعيل كافة هذه التوصيات والنصوص في تبادل المعلومات بين كافة دول العالم.
د/ السيد عبدالماجد




[1] عبد الفتاح بيومي حجازي ، جرائم الكمبيوتر والانترنت ، دار الكتب القانونية ، القاهرة، 2005 ، ص 5
[2] منير الجنبيهي ، ممدوح الجنبيهي ، البنوك الالكترونية ط 2 ، 2006 دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ص47
[3] عبد الفتاح بيومي حجازي ، صراع الكمبيوتر والانترنت في القانون العربي النموذجي ، دار الكتب القانونية ، القاهرة 2007 ص 609
[4] عبد القادر القهوجي ، الحماية الجنائية لبرامج الحاسوب ، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية ، 1999، ص 81 – وايضا- عبدالقادر القهوجي وعبدالله فتوح الشاذلي ، شرح قانون العقوبات ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2003 ، ص 261
[5]  انظر جهود مركز ادارة مكافحة الجرائم الالكترونية بوزارة الداخلية القطرية : www.acees.gov.bh

[6] اكرم عبدالوهاب ، التجارة الالكترونية ، مكتبة ابن سينا ، القاهرة ، 2004 ، ص 48
[7] محمد عبدالله ابوبكر سلامة ، جرائم الكمبيوتر والانترنت (موسوعة جرائم المعلوماتية ) ، دار المعارف بالاسكندرية ، 2006 ، ص 7

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراحل ابرام المعاهدات في القانون الدولي.. د. سيد عبد الماجد

تاريخ اكتشاف النفط في قطر .. د. سيد عبدالماجد

الاجماع .. كأحد مصادر التشريع الاسلامي