الجات، العوائق الفنية امام التجارة ، والكويز .. هل استفاد الاقتصاد المصري من هذه الاتفافيات؟...د. سيد عبدالماجد

الاثار الاقتصادية
 لاتفاقيات الجات والكويز والعوائق الفنية امام التجارة على الاقتصاد المصري
د. سيد عبدالماجد
اتجه المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية الى تشجيع الدول على تخفيف قيود الحماية على التجارة الدولية وقد تجسد هذا الاتجاه في عقد اتفاقيات الجات(1947) وما تلاها من جولات واستمرت جهود المجتمع الدولي نحو زيادة تفعيل مبدأ حرية التجارة الدولية حتى بعد انشاء منظمة التجارة العالمية 1994 ، حيث مازالت الاثار الاقتصادية لهذه الاتجاه وما نتج عنه اتفاقيات محل تباين كبير بين الدول المتقدمة والدول النامية.
ومن بين هذه الاتفاقيات وقعت مصر على اتفاقية ازالة العوائق الفنية امام التجارة ، التي تهدف الى تحرير التجارة الدولية عند مرورها عبر المنافذ المصرية من اية قيود فنية وبالشكل الذي يؤدى الى تحقيق مبدأ حرية التجارة الدولية.
كما كانت مصر من الدول التي سارعت الى ابرام اتفاقية الكويز مع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل (في العام 2004)  كأحد السبل لاستمرار دخول المنتجات المصرية الى الولايات المتحدة دون عوائق بعد انتهاء مرحلة المعاملة التفضيلية (2005) للمنتج المصري في السوق الامريكي.
فما هى الآثار الاقتصادية التي انعكست على الاقتصاد المصري نتيجة هذه الاتفاقيات؟
لايضاح هذه الاثار سوف نتناول بايجاز الاحكام العامة لاتفاقية الجات ومبادئها ومانتج عنها بالنسبة لاتفاقية الكويز واتفاقية العوائق الفنية امام التجارة.
اولا- اتفاقية الجات وآثارها على اتجاهات السياسة الاقتصادية الحكومية في مصر
ركزت اتفاقية الجات 1947م وما تلاها من جولات على العمل على الاتفاق على مجموعة من القواعد التي تحكم التبادل التجاري الدولي ، والتفاض من اجل تخفيض التعريفات الجمركية على ان يتم اية خلافات في هذا الشأن عن طريق التفاوض ، وكان من نتائج هذه الجهود وضع العديد من المبادئ التي تحكم حرية التجارة الدولية بما يحقق الاهداف التالية:
-       تشجيع التبادل التجاري الدولي بتخفيض القيود الجمركية
-       تشجيع الاستثمارات بين الدول وحسن استغلال الموارد الاقتصادية بها.
-       الارتفاع بمستوى الميعشة في الدول المتعاقدة.
-       حل المنازعات الدولية من خلال التفاوض.
وللوصول الى تحقيق هذه الاهداف مر المجتمع الدولي بثمان جولات تفاوضية بدأت في العام 1947تناولت كافة القيود التي تعيق انتقال التجارة الدولية ، وكان من ابرزها جولة اورجواي (1986-1993) اذ تناولت مفاوضاتها السلع والخدمات بمشاركة دولية واسعة وصلت الى 124 دولة وبدأ العمل باتفاقياتها في العام 1995م.
وقد تأسست اتفاقيات الجات على خمسة مبادئ حاكمة ، وهى:
اولا- مبدأ الدولة الاكثر رعاية:
وفقا لهذا المبدأ تتعهد الدول الاعضاء بمنح المعاملة بالمثل لكافة الدول الاعضاء بالاتفاقيات ، اي انه في التطبيق العملي يكون لكافة الدول الاعضاء ذات المزايا (اي التخفيضات الجمركية) التي تمنحها احدى دول الاتفاقية لدولة اخرى وبشكل تلقائي دون حاجة لاتفاق.
مع مراعاة الاستثناءات التالية:
1- حالة التكتلات الاقتصادية الدولية: وفقا لنص المادة 24 من الاتفاق العام للتعرفة الجمركية ، هو يطبق على كافة التكتلات الاقتصادية سواء كانت في صورة اتحاد جمركي او منطقة تجارة حرة ، ومن بين صورها في الواقع الدولي:
-       اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية 1982 وهى تخص مجموعة دول اقليمية.
-       الترتيبات التجارية والحمائية بين الدول الآخذة في النمو
-   المعاملة التفضيلية التى تمارسها الدول المتقدمة مع دول اخرى ( كالمعاملة التفضيلية بين مصر والولايات المتحدة الامريكية والتي انتهت في 2005).
2- حالة التفضيلات التجارية : والتي تجريها الدول النامية بعد موافقة اطراف اتفاقيات الجات ، من اجل مساعدة هذه الدول على تحقيق مستوى اعلى في التنمية الاقتصادية ورفع المستوى المعيشي بها.
ثانيا- مبدأ التخفيضات الجمركية المتبادلة
وفقا لنص المادة 28 من الاتفاق العام ، تحث اتفاقيات الجات الدول الاعضاء فيها على تخفيض عام  وتصاعدي للضرائب الجمركية وذلك عن طريق المفاوضات او كتطبيق لمبدأ الدولة الاكثر رعاية.
وتطبيقا لهذا المبدأ يكون على الدول الاعضاء تسجيل التخفيضات الجمركية التي تجريها في القوائم الملحقة باتفاقيات الجات على ان تلتزم بها لمدة 3 سنوات على الاقل. الا انه تم مراعاة ظروف الدول الاخذة في النمو باستثناء الصناعات الوليدة بها من هذا الالتزام ، كما اعفيت الترتيبات المتعددة الاطراف.
ثالثا- مبدأ تحريم القيود الكمية
يقصد بالقيود الكمية – بايجاز- وضع الدولة لحد اقصى من السلع المستوردة او المصدرة بقصد تحقيق توازن في ميزان مدفوعاتها وتوفير احتياجات السوق المحلى من منتجات التصدير، وتحظر المادة 11 من الاتفاق العام .
الا انه حماية للقطاع الزراعي وميزان المدفوعات في الدول الاعضاء تم وضع شرط تعفيها من الالتزام بالمادة 11، وهى :
-   بالنسبة للقطاع الزراعي في الدول الاعضاء: يجوز للدول الاعضاء التي لديها عجز في المواد الغذائية ان تطلب من الجات فرض قيود كمية على الصادرات. فاذا كان لديها وفرة من المواد الغذائية فلها ان تقوم بفرض قيود على الاستيراد بعد موافقة الجات.
-   بالنسبة لاعادة التوازن في ميزان المدفوعات: يجوز للدول الاعضاء التي تعانى من انخفاض حاد في الاحتياطي النقدي ان تقوم –لمدة محددة - بضبط عمليات الاستيراد والتصدير ( كما يحدث في مصر خلال الفترة الحالية) من خلال فرض قيود كمية ، على ان يتم رفع هذه القيود تدريجيا بعد انتهاء حالة الخلل في ميزان المدفوعات.
رابعا- مبدأ المعاملة التفضيلية:
انعكست العديد من للأثار الضارة لتحرير التجارة على الدول النامية ، فحاول المجتمع الدولي ابتكار مبدأ المعاملة التفضيلية للدول الاخذة في النمو لمساعدتها على تحقيق اهدافها التنموية.
خامسا- مبدأ التفاوض التجاري
وهو الوسيلة التي اقرتها الجات لحل المنازعات بين الدول الاعضاء بشأن التزاماتها وفقا للجات ، فيتم التفاوض بين الدول بشكل مؤسسي من خلال قواعد الجات الموضوعية والاجرائية.

ففي ظل هذه المبادئ تم عقد الكثير من الاتفاقيات بشأن معظم اوجه التجارة في السلع والخدمات وما تتطلبها من تسهيل التبادل التجاري، وقد انضمت مصر الى الاتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية والتجارة (الجات) في العام 1970، واتجهت مصر نحو الانفتاح على الاقتصاد العالمي بعد عقدين من تطبيق السياسات الاشتراكية. حيث اخذت مصر خطوات لتنفيذ برنامج التكيف الهيكلي مع صندوق النقد الدولى ابتداء من العام 1991، فكيف انعكست مبادئ الجات على الاقتصاد المصري في ظل اتفاقية العوائق الفنية امام التجارة ، واتفاقية الكويز مع اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية ، ؟ هذا من سنتاوله على النحو التالي:






اولا
الاثار الاقتصادية لاتفاقية العوائق الفنية امام التجارة

واقع المشكلة :
تقوم الدول عادة بوضع قواعد فنية ومواصفات صناعية للسلع والخدمات التي تمر عبر منافذها الجمركية ، وغالبا ما تختلف القواعد والمواصفات من دولة الى اخرى ، مما شكل تحديا كبيرا امام التبادل التجاري الدولي.
موقف الجات من القواعد والمواصفات:
تميز موقف الجات من القواعد الفنية والمواصفات بوضع ايجابي ، ويبرز هذا الموقف في الوثيقة الختامية لجولة اوراجواي والذي طالب الدول الاعضاء بوضع نقاط استفسار محلية في كل دولة بما يسهل على المصدرين والمستوردين الحصول على المعلومات اللازمة بشأن احدث المواصفات والمقاييس المطلوبة.
موقف اتفاقية العوائق الفنية امام التجارة
انطلاقا من مبادئ الجات لتحرير التجارة الدولية ، عملت اتفاقية ا لعوائق الفنية على توحيد معايير دولية بشأن القواعد الفنية والمواصفات الصناعية كبديل عن المعايير الوطنية التي تختلف من دولة لاخرى. فما هو نطاق تطبيق اتفاقية العوائق الفنية امام التجارة؟
نطاق تطبيق اتفاقية العوائق الفنية امام التجارة
تعمل الاتفاقية على وضع قواعد للمقاييس والمعايير والمواصفات ، وهى قواعد اختيارية غير ملزمة للمنتج او المصدر وتشير الى مستوى الجودة. كما تضع الاتفاقية اجراءات التقييم الفني اللازمة لمطابقة السلع على المواصفات الاجبارية او الاختيارية من خلال فحص العينات او اي وسيلة اخرى للمطابقة.

1- النطاق الموضوعي لتبطبيق الاتفاقية
تخضع كافة المنتجات الزراعية والصناعية لاحكام الاتفاقية .كما تشمل الاتفاقية طرق الانتاج والعلامات والتعبئة والرموز ومتطلبات التغليف ، باستثناء الاتي:
-   تستثنى الاجراءات الصحية واجراءات الصحة النباتية من تطبيق احكام الاتفاقية لخضوعها في نطاق تطبيق اتفاقية التدابير الصحية والصحة النباتية ( SPS)  وفقا لنص المادة 1/5 من اتفاقية العوائق الفنية. وبالنسبة للاجراءات المتعلقة بالمواد الغذائية مثل قياس جودة التعليب وخصائص التصدير فتخضع لاحكام الاتفاقيتين.
-       لا تخضع الخدمات لاي من التدابير الفنية لاتفاقية TBT لخضوعها في نطاق تطبيق اتفاقية جاتسGATS
-   كما لا تخضع المشتريات الحكومية لاي من التدابير او الاجراءات الفنية لاتفاقية TBT لخضوعها في نطاق تطبيق اتفاقية متطلبات المشتريات الحكومية GPA.
2-  النطاق الشخصي لتطبيق الاتفاقية
وفقا لهذه الاتفاقية الدولية فان المعنى بالمخاطبة باحكامها هى الدول ممثلة في الاجهزة الحكومية غير المركزية في كل دولة والتي تقوم باعداد اللوائح الفنية واعتمادها وتطبيقها والقيام بالخطار اللازم بشأنها تطبيقا للمادة 3/3 من الاتفاقية. وتعد الدولة مسئولة عن عدم الالتزام بالاخطار وتقديم المعلومات وعدم مراعاة التدابير الموضوعية والاجرائية بشأن القواعد الفنية للتجارة وفقا للمادة 3/ 5 من الاتفاقية.
ويفصل الملحق رقم 1من الاتفاقية ( فقرة 4: 8 ) الاشخاص المخاطبين باحكام الاتفاقية ، وهم :
-       الهيئات الدولية
-       الهيئات الاقليمية
-       جهاز الحكومة المركزي
-       جهاز الحكومة المحلية
-       الهيئة غير الحكومية

3- نفاذ الاتفاقية
بالنسبة لتطبيق احكام الاتفاقية فان احكامها تطبق على المنتجات الزراعية والصناعية منذ دخولها حيز النفاذ في العام 1995 وحتى الان ، كما انها تطبق ايضا على التدابير السابقة على تاريخ النفاذ بشطرط ان تكون لا تزال صالحة او يطبقها الدول الاعضاء( م 16 من اتفاقية منظمة التجارة العالمية).
فاذا كان هذا النطاق الموضوعي لتطبيق احكام الاتفاقية ممثلا في كافة المنتجات الزراعية والصناعية باستثناء الخدمات والمشتريات الحكومية ، وباعتبارها تطبق على الدول الاعضاء وتخطاب الاشخاص المعنوية سالفة الذكر ، فهل تتوافق هذه الاتفاقية مع مبادئ الجات؟
اولا- بالنسبة لمبدأ الدولى الاولى بالرعاية:
يعد توحيد المعايير الدولية في القواعد واللوائح الفنية والمواصفات الصناعية تطبيق لهذا المبدأ ، لما يمثله من مساواة بين كافة الدول في التزامها بقواعد واحدة ومحددة مما يوحد ظروف المنافسة بينها.
ثانيا- بالنسبة لمبدا المعاملة الوطنية :
كما هو واضح انه وفقا للاتفاقية يتم معاملة المنتج الوطني نفس معاملة المنتج الاجنبي اي بمعايير فنية واحدة ، وقد نصت اتفاقية العوائق الفنية على هذه القاعدة صراحة في المادة 2/1 من الاتفاقية. فيما نصت المادة 5 من الاتفاقية على معايير واحدة بشأن اجراءات المطابقة بشرط تماثل ظروف المنتج الوطني والاجنبي. بالاضافة الى توحيد رسوم المطابقة وعدم التفضيل بين الموردين الاجانب.
ثالثا- مبدأ الشفافية :
من مزايا الاتفاقية انها تلزم اعضائها بتقديم كافة المعلومات والبيانات عن القواعد الفنية والمقاييس لديها الى منظمة التجارة العالمية، وذلك على النحو التالي:
-   بالنسبة للقواعد الفنية : وفقا للفقرة التاسعة من المادة الثانية فإن المقاييس الدولية بشأن المضمون الفني هى التي يتم تطبيقها ، وتسمح الفقرة العاشرة من ذات المادة للدول الاعضاء باتخاذ التدابير اللازمة في حال وجود مشاكل لديها بشأن الصحة وحماية البيئة والامن القومي لديها.
-   بالنسبة للمقاييس : وضع الاتفاقية مجموعة من القواعد لاعتماد وتطبيق المقاييس على الاجراءات الخاصة بالشفافية منها ضرورة اعلام كافة لاعضاء بما تعتمده الدولة العضو من مقاييس جديدة.
-   اما اجراءات تقييم المطابقة : فقد جاءت تطبيقات مبدأ الشفافية في صورة ان تقوم الدول التي لا يوجد لديها دليل اوتوصية او عدم تطابق المحتوى الفني مع المتطلبات الدولية بهيئات التوحيد القياسي الدولية باخطارها بهذا الوضع.( تطبيقا للمادة 6/5 من الاتفاقية). عن طريق نقاط الاستعلام المحددة في كل دولة، كما تم انشاء لجنة لضمان تحقيق الشفافية لمتابعة هذه الالتزامات.
رابعا- المواصفات الدولية بشأن مطابقة القواعد الفنية والمقاييس
يلتزم الدول الاعضاء عند وضع القواعد الفنية والمقاييس بمراعاة المواصفات الدولية قدر الامكان طالما انها في اطار تسهيل التبادل التجاري الدولي.
خامسا – اجراءات التنسيق
وفقا للفقرة الرابعة من المادة الثانية تشجع الاتفاقية الدول الاعضاء على التنسيق فيما بينها بشأن التصنيع والتصميم وعملا بالمواصفات الدولية ، بحيث يتم تصنيع المنتج بما يتناسب مع ظروف كل دولة مع الالتزام بعدم اضافة قيود على التبادل التجاري الدولي .
كما تشجع الاتفاقية الدول الاعضاء على الالتزام بالادلة والتوصيات التي تصدرها هيئات التوحيد القياسي كأساس لاجراء تقييم المطابقة ( م 2/5).
سادسا- مبدأ المساواة
بالنسبة للقواعد الفنية فقد ذهبت المادة 2/7 الى ضرورة التزام الدول الاعضاء بالمساواة فيما بينها. فيما قررت المادة 6/1 التزام الدول الاعضاء فيما بينها بنتائج اجراءات تقييم المطابقة طالما كانت تتم وفق ضمانات مقبولة.
بعد تناول نطاق تطبيق الاتفاقية ومدى اتفاقها مع مبادئ الجات ، فهل تحقق الاتفاقية مكاسب اقتصادية للدول النامية؟ هذا ما نتناوله على النحو الاتي:
الاثار الاقتصادية لاتفاقية العوائق الفنية امام التجارة على مصر
لتحديد الاثار الاقتصادية للاتفاقية على الدول النامية ومنها مصر نقوم بتحليل المادة 12 من الاتفاقية:
وفقا للمادة 12 من الاتفاقية فانه يجب مراعاة ظروف الدول الاعضاء عند اعداد وتطبيق القواعد الفنية والمقاييس واجراءات تقييم المطابقة، كما منحت الاتفاقية عدة استثناءات للدول النامية من التطبيق الكامل للمقاييس الدولية كأساس لانظمتها الفنية حفاظا على الصناعة المحلية بها .
كما لا تلتزم الدول النامية بقبول المقاييس الدولية العامة المتعلقة بمنتجاتها ، كما للدول النامية مطالبة هيئات التوحي القياس باعداد مقاييس دولية خاصة بمنتجاتها.
وتعفى الدول النامية من الوفاء الكامل بشأن الالتزام بالتنسيق الدولي في المواصفات الدولية لما لديها من مشكلات فينة او مؤسسية تحول دون ذلك.
وتشجع الاتفاقية الدول المتقدمة على تقديم التمويل والمساعدة الى الدول النامية ، وتبسيط الاجراءات امام صادرات الدول النامية.
الخلاصة:
مما سبق يتضح لنا ان الاعفاءات التي جاءت بنص المادة 12 تؤشر على عدم استفادة الدول النامية من اتفاقية العوائق الفنية ، فالمادة المذكورة تحاول ان تعطي بعض المزايا للدول النامية مراعاة لظروفها التنموية ، ولكن يبقى ان الدول المتقدمة صاحبة المنتجات الزراعية والصناعية الاعلى بالفعل في مستوى الجودة والتكلفة ايضا تستطيع ان تحقق الالتزامات المطلوبة في القواعد الفنية والمقاييس الصناعية بشكل اكثر منها في الدول النامية مما يجعل منتجات الدول المتقدمة تتحرك في السوق الدولي بحرية اكثر من منتجات الدول النامية التي تواجه صعوبة تحقيق متطلبات القواعد الفنية للاتفاقية ، لذلك فإننا ننتهى الى ان الاتفاقية لم تحقق واقعيا مكاسب لمصر مقارنة بمكاسب الدول المتقدمة منها.
ثانيا
اثار اتفاقية الكويز على الاقتصاد المصري
لقد كان لتطبيق اتفاقية منظمة التجارة العالمية العديد من الاثار السلبية على الدول النامية ومنها مصر ، حيث ترتب على اتفاقية منظمة التجارة العالمية الاتي:
-   بالنسبة للمنتجات الزراعية ، وفقا للاتفاقية سيتم الغاء الدعم المقدم للمزارعين مما سيرتب عليه ارتفاع معدل اسعار المواد الاولية وبالتالي ترتفع اسعار المنتجات الزراعية مما يؤدي الى خلل في ميزان المدفوعات.
-   بالنسبة للمنافسة ، تؤدي حرية التبادل التجاري الى صعوبة المنافسة بين منتجات الدول النامية الاقل جودة مع منتجات الدول المتقدمة الاكثر جودة.
-   بالنسبة للمعاملة التفضيلية، وفقا للاتفاقية سيتم تقليص المعاملة التفضلية التي كانت ميزة لمنتجات الدول النامية في السوق الاوروبي والاميركي.
-   بالنسبة للقيود الكمية على صادرات الدول النامية من المنسوجات ، وفقا للاتفاقية فإن حصة بالدول النامية ستتأثر حتما نظرا لمستوى الجودة الاقل من المطلوب في الدول المتقدمة.
-   بالنسبة للميزانية ، وفقا للاتفاقية فإن تخفيض التعريفات الجمركية من شأنه ان يؤدي الى تخفيض الايرادات الضريبية مما يساهم في عجز الميزانية في الدول النامية
-   بالنسبة للخدمات ، وفقا للاتفاقية يتعين افساح المجال امام مقدمي المنظمات التي تقدم الخدمات كالتأمين والطيران وهى المجالات التي تستحوذ عليها الدول المتقدمة .
وقد كانت هذه الاثار السلبية لاتفاقية منظمة التجارة العالمية دافعا لدى الحكومة المصرية لاتخاذ الترتيبات اللازمة للتقليل منها بقدر الامكان، ومن بين هذه الترتيبات ولدت اتفاقية الكويز المصرية مستهدفة استمرارية تواجد المنتجات المصرية في السوق الامريكية ، فتم عقد الاتفاقية بين مصر واسرائيل والولايات المتحدة الاميريكية ودخلت حيز النفاذ في العام 2005م، فهل حققت الاتفاقية اهدافها الاقتصادية ؟ للاجابة على هذا التساؤل فإنه من المهم معرفة واقع التجارة الخارجية المصرية قبل ابرام الاتفاقية والقاء الضوء على تجربة الكويز الاردنية ، للحكم على قيمة الاتفاقية اقتصاديا بالنسبة لمصر وما تعرضت له من انتقادات. وهو ما سنتاوله بالتفصيل على النحو الاتي:

اولا- بالنسبة للميزان التجاري: وفقا لتقارير مركز المعلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء ، يظهر عجز في الميزان التجاري في العام السابق لابرام اتفاقية الكويز اي في العام (2003-2004). كما تظهر التقرير حجم صادرات مصر من المنسوجات للسوق الامريكي بنسبة تمثل 1% من حجم سوق المنسوجات في امريكا ، وفي الوقت نفسه تمثل هذه الصناعة في مصر نحو 45% من اجمالي الصادرات الصناعية المصرية يدخل منها الى السوق الامريكي وحده 40%. هذه النسب في ظل المعاملة التفضيلية الممنوحة لمصر.
ومن ناحية حجم العمالة وخاصة في قطاع الغزل والنسيج الذي يمثل نسبة تقديرية من 40% الى 50% من حجم القوى العاملة في مصر ، وتفاقم حجم البطالة مع الزيادة السكانية المستمرة.
فاننا ومع انتهاء المعاملة التفضيلية للمنتجات المصرية في السوق الامريكي نتسائل هل تنجح اتفاقية الكوبز في المحافظة على هذه النسب ام ترتفع ، خاصة اذا علمنا ان الصادرات المصرية والمنسوجات تحديدا معرضة لمنافسة شرسة من صادرات الصين وبنجلادش في السوق الامريكي؟ هذا ما سنتعرف عليه لاحقا.
ثانيا- حجم التبادل التجاري بين الدول العربية واسرائيل والولايات المتحدة الامريكية
 بلغ حجم التبادل التجاري العربي الاسرائيلي 180 دولار في العام 2004، منها 1.9 مليون دولار الى دول الخليج العربي ، و29.2 مليون دولار مع مصر.
ثالثا- المزايا التنافسية للمنتج المصري
يقصد بالمزايا التنافسية ما تتمتع به مصر من موارد طبيعية وبشرية وتقدم تكنولوجي وغيره ، ولئن كانت مصر في وقت مضى لديها هذه المزايا دعم صناعة الغزل والنسيج في وقت من الاوقات .
الا ان تخلف الصناعة المصرية عن مواكبة التقدم التكنولوجي تعرض محصول القطن للآفات وبدائية اليد العاملة، اثرت كثيرا على المزايا التنافسية للمنتج المصري.
تلك كانت اوضاع التجارة الخارجية لمصر قبل عقد اتفاقية الكويز ، وهى في الواقع تؤشر على ضعف عام كان يجب علاجه من قبل الحكومة المصرية . فهل كان ذلك فقط ما شجع الحكومة المصرية على عقد الاتفاقية ؟ يبدو ان نجاح تجرية الكويز الاردنية مثلت نموذجا ناجحا يقتدى به، فكيف نجحت اتفاقية الكويز الاردنية؟ هذا ما نتناوله بشئ من التفصيل في النقاط التالية:
1- تجربة الكويز الاردنية ، ماهيتها وآثارها على الاقتصاد الاردني:
ماهية الكويز الاردنية :
تتكون افاقية الكويز الاردنية مع اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية(1997 ، ودخلت حيز النفاذ في 1999) من خمسة مواد ، من اهمها:
-    تتعلق المادة الاولى بالنطاق الجغرافي لتطبيق الاتفاقية وتم تحديده مبدأيا بمدينة الحسين الصناعية في اربد ولاحقا وصل عدد المناطق الى 11 منطقة مؤهلة ، ضمت ما يقرب من 100مصنع و48 شركة بحجم استثمارات مقدر تقريبا بمائتي مليون دولار وحجم عمالة تعدى 28الف عامل. حيث تم الاتفاق على ان تقوم اسرائيل المدخل الاسرائيلي ( يمثل 35% من المكونات للمنتج) من اية رسوم جمركية عند تصديره الى الاردن. في مقابل ان تقوم الاردن بتسهيل اجراءات تدفق البضائع الى المناطق المؤهلة في الاردن.
-   وفقا للمادة الثانية من الاتفاقية تعفى المنتجات من الضرائب عند دخولها الى السوق الامريكية بشروط محددة وهى : ان تكون السلعة جديدة ومصنعة او مزورعة داخل المناطق المؤهلة، وان تكون نسبة المكون المحلي لا تقل عن 35% ، ان تتولى لجنة مشتركة مراقبة هذه النسب باشتراك مع الجانب الامريكي.
اثار الكويز الاردنية على الاقتصاد الاردني:
من اهم الاثار التي ترتبت على هذه الاتفاقية:
-   ارتفاع معدل التبادل التجاري بين الاردن والولايات المتحدة الامريكية الى 400 مليون دولار مقابل 260 مليون دولار قبل الاتفاقية.
-   ارتفاع نسبة الصادرات الاردنية الى الولايات المتحدة الامريكية وبشكل خاص في مجال الملابس الجاهزة والمجوهرات والمعادن والاحجار، وبلغت نسبة الارتفاع ما يقرب من 50% في العام 2004 مقارنة بالعام السابق. ليس ذلك فقط ، بل ارتفعت ايضا الصادرات الى اسرائيل بنسبة تصل الى 100% في العام 2004 عن العام السابق.
-       ارتفعت الاستثمارات في المناطق الاردنية المؤهلة ، فبلغ عدد المصانع 101 مصنع في العام 2004 .
-   انخفاض نسبة البطالة في الاردن بزيادة فرص العمل في المناطق المؤهلة والتي استقطبت 40 الف عامل ، وان كان البعض يتحفظ على اختصاص العمالة الاردنية ( 23 الف عامل ) بالاعمال غير الفنية والتقنية واحتكار الاعمال الفنية من العمالة الاجنبية ، وان هذه المناطق لاتوفر ضمانات اجتماعية كافية مما ادى – وفقا لهذا الرأي- الى عزوف العامل الاردني عن العمل بها. ويضيف هذا الرأي ان الاتفاق كان من شأنها ارتفاع معدل البطالة في فلسطين على اثر استقدام المصانع الاسرائيلية للعمال الاردنين.
وفي رأينا المتواضع فان الاتفاقية – اذا ما اعترفنا بالجوانب السلبية السابق الاشارة اليها – كانت ايجابية الى حد كبير بالنسبة للجانب الاردني ، وحققت نتائج اقتصادية جيدة ، مما شجع الجانب المصري على المضي في ابرام اتفاقية الكويز ، فما هى مكونات الاتفاقية المصرية وما هى الاثار التي ترتبت على الجانب المصري؟ هذا ما نتناوله في النقاط التالية:
1-  ماهية الكويز المصرية:
ابرمت مصر واسرائيل والولايات المتحدة الامريكية اتفاقية الكويز في 14 ديسمبر 2004 ودخلت حيز النفاذ في 2005 ، كخطوة وقائية ضد الاثار السلبية المتوقعة لانتهاء المعاملة التفضيلية للمنتج المصري في السوق الامريكية على اثر تفعيل التزامات مصر وفقا لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية ، وشجعها في ذلك نجاح تجربة الكويز الاردنية هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى تعتبر هذه الاتفاقية خطوة في طريق الوصول الى اتفاقية  التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الامريكية.


التحليل الاقتصادي للاتفاقية:
نتناول في النقاط التالية اهم الجوانب المؤثرة في معرفة الاثر الاقتصادي للاتفاقية على مصر مع التسليم بأن الاتفاقية تحوى جوانب اخرى ليست محل البحث، وذلك على النحو التالي:
المادة الاولى : المناطق المؤهلة
على نفس النسق في تجربة الكويز الاردنية تم تحديد عدد من المناطق المؤهلة في الملحق (أ) من الاتفاقية ، شملت المرحلة الاولى مناطق في القاهرة الكبرى والاسكندرية وبرج العرب والعامرية وقناة السويس، وتسمح الاتفاقية باضافة مناطق اخرى باتفاق الاطراف.
وتضم هذه المناطق ما يعادل 60% من اجمالي المنشآت الصناعية المصرية ، بحجم عمالة يصل الى 63% من العمالة المصرية ، وحجم استثمارات صناعية يصل الى 58% من اجمالي الاستثمارات الصناعية ، وتركزت معظم هذه النسبة في صناعة المنسوجات والملابس والصناعات الهندسية والجلود والمنتجات الكيمياوية.
المادة الثانية : وهى تتعلق بانشاء لجنة مشتركة بين الاطراف بشأن المناطق الصناعية المؤهلة ويوضح الملحق ب مهام هذه اللجنة ، ومن اهمها تحديد المصانع والموافقة عليها في المناطق المؤهلة ، والتأكد من تطابق مكونات المنتج المصدر الى امريكا مع الشروط المطلوبة ( وهى ان يكون المكون المحلي لا يقل عن 35 % يساهم الجانب الاسرائيلي بالثلث فيها اى 11.7% بحد اقصى )على ان الشركة المصرية تلتزم بهذه النسبة على اجمالي صادرتها كل 3 اشهر.
المادة الثالثة: قواعد المنشأ
وفقا للاتفاقية فهناك قواعد منشأ اهمها للمنتجات النسيجية والملابس والمنتجات الغذائية والصناعات الهندسية والصناعات الكيمياوية والصناعات المعدنية.. وغيرها.
المادة الرابعة :تحقق الجمارك
يقوم الجانب المصري والاسرائيلي بامداد الجانب الامريكي بكافة المعلومات عن الشركات طالبة الاعفاء من الضرائب والرسوم الامريكية.
بعض هذه العرض لاهم البنود  الاقتصادية للاتفاقية ، وما سبقه من تناول للوضع التجاري المصري قبل الاتفاقية ، اتجهت توقعات الحكومة المصرية قبل ابرام الاتفاقية الى ان من شأنها تفادي ارتفاع البطالة المتوقع بسبب انتهاء نظام الحصص التصديرية مع الولايات المتحدة الامريكية في 2005، كما كان من المتوقع ان ينخفض حجم البطالة مع زيادة معدل التشغيل في المناطق المؤهلة وزيادة حجم الاستثمارات بها ، كما كان من المتوقع زيادة تنافسية المنتج المصري .
 فكيف اثرت الاتفاقية على الاقتصاد المصري ؟ وهل نجحت كما نجحت تجربة الكويز الاردنية؟ هذا ما نتناوله في النقاط التالية:
الاثار الاقتصادية لاتفاقية الكويز المصرية:
1- حجم البطالة : يتأثر حجم البطالة باكثر من متغير مثل الزيادة السكانية ، معدل السياحة ، وحجم الاستثمار الاجنبي ، المتغيرات السياسية بالمنطقة ( ثورات الربيع العربي) ، وقد بلغ حجم البطالة في العام 2005 نسبة تقدر بـ 11.7% فيما بلغ في العام 2015 نسبة تقدر بـ 12.8%  اي ان النسبة ارتفعت وان كان سبب ارتفاعها يمكن ارجاعها الى العوامل السياسية التي مرت بهامصر مؤخرا.
2- الميزان التجاري : اكدت تقارير وحدة الكويز بوزارة التجارة الخارجية على زيادة اجمالي الصادرات المصرية الى الولايات المتحدة الامريكية الى 116 مليون دولار في ديسمبر 2005 في مقابل 61 مليون دولار في العام السابق، وارتفع عدد  الشركات المؤهلة خلال 3 اشهر من 54 شركة الى 70 شركة.
كما ارتفع حجم الاستمثار الاجنبي في مصر بتأسيس 6 شركات اجنية استقطبت 6 الاف عامل.
 كما ان هناك فرص لعدد 291 شركة لدخول منتجاتها الى السوق الامريكية. وخاصة شركات صناعة الجلود والاحذية .
ومن ثم تمثل الاتفاقية من هذا الجانب احد الحلول الناجعة لعلاج العجز في الميزان التجاري وان كانت الاتفاقية لم يتم استغلالها بالشكل الامثل حتى الان.
3- سوق الاوراق المالية: شهدت سوق الاوراق المالية بعد توقيع الاتفاقية ارتفاعا في اسهم شركات الغزل والنسيج ، وكانت هذه الشركات قد سجلت مبيعات بما يقرب من 4500 مليون دولار في العام 2004 بأرباح بلغت 213 مليون دولار في مقابل 2600 مليون دولار بارباح بلغت 97 مليون دولار في العام السابق.
كما انه – بتوقيع الاتفاقية في العام 2004- انخفض عدد الشركات الخاسرة الى 24 شركة في مقابل 27 شركة في العام السابق.
ووفقا للخبراء في سوق الاوراق المالية ، فهناك توقعات بانتعاش القطاع المصرفي بزيادة التداول في اسهم قطاع المنسوجات مما ينعكس على الطلب على القروض وزيادة الطلب على الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان والتحويلات المتبادلة ، وبزيادة التصدير من المتوقع زيادة النقد الاجنبي.

ومن الواضح تواضع النتائج التي حققتها مصر من اتفاقية الكويز ، وهو ما دفع البعض الى انتقاد الاتفاقية من حيث انها تمثل عامل طرد للاستثمارات العربية في مصر ، و ان الصناعات الهندسية المصرية لم تستفد من الاتفاقية ، وان قطاع الاثاث والمنتجات الخشبية ليس بحاجة الى الاتفاقية باعتبارها منتجات معفاه من الجمارك الامريكية، كما ان صناعة الجلود لم تستفد من الاتفاقية لتدني مستوى جودتها. وان هناك عشوائية في اختيار المناطق المؤهلة بغياب معايير اختيار موضوعية مما اخرج مناطق مثل المحلة الكبرى من المناطق المؤهلة ، كما ان زيادة عرض الايدى العاملة من شأنها ان يؤثر على انخفاض الاجور ، كما ان تطبيق الاتفاقية يؤدى الى تخصص مصر في الانتاج المعتمد على الايدي العاملة نظرا لتقدم الشريك الاسرائيلي في المكونات التي تعتمد على التكنولوجيا.
ومن جانبنا فاننا لا نتفق مع هذه الانتقادات الموجهة للاتفاقية ، كونها تنطلق من بعد سياسي معارض للشراكة مع الجانب الاسرائيل، ونرد على حجج هذه الانتقادات فيما يلي:
-   بالنسبة لكون الاتفاقية عامل طرد للاستثمارات العربية فهو تقدير تصوري بعيد عن الواقع الذي اثبت ارتفاع الاستثمارات العربية الاسرائيلية وخاصة مع الاردن والمغرب وارتفاعها النسبي مع دول الخليج كما اسلفنا.
-   اما  بالنسبة للصناعات التي لم تستفد من الاتفاقية كصناعة الجلود او الصناعات الهندسية ، فإن مرجع ذلك ليس الاتفاقية ،بل مرجعه هو تدني الصناعة المصرية ومن ثم فإن رفع مستوى الصناعة المصرية من شأنه ان يؤدى الى استفادة مصر في هذه القطاعات عن طريق الاتفاقية.
-   اما بالنسبة للعشوائية في اختيار المناطق المؤهلة وغياب المعايير الموضوعية فإن الاتفاقية تسمح بزيادة المناطق المؤهلة ومن ثم يمكن علاج هذا الخلل دون هدم الاتفاقية وفقا للمنتقدين.
-   اما انخفاض الاجور كنتيجة لزيادة المعروض من الايدي العامة فلا يمكن ارجاعه ايضا الى الاتفاقية ، فكما اسلفنا ترتبط البطالة بمتغيرات كثيرة كمعدل السياحة والمتغيرات السياسية والزيادة السكانية ، وعلاج مشكلة البطالة لن يتم بالغاء الاتفاقية وانما بعلاج اسبابها الحقيقية.
-   اما بالنسبة لتدني كفاءة الايدي العاملة المصرية وتخصص مصر في المنتجات ذات الايدي العاملة الكثيفة في مقابل تخصص اسرائيلي في المكونات التكنولوجية ، فلم يحدث بسبب الاتفاقية ، وانما يرجع الى سوء التعليم المهني في مصر مما تسبب في انخفاض عدد الكفاءات الفنية ، وعلاج هذه المشكلة يمكن ان يكون باعادة النظر في جودة التعليم المصري وتحسين مخرجاته .

خلاصة القول ان اتفاقية الكويز المصرية – في رأينا- في احكامها النظرية جيدة وتمثل خطوة نحو اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الامريكية ، وتكمن الاستفادة منها في اعادة النظر في الجوانب السلبية التي تخص جودة الصناعة المصرية والتوسع في عدد المناطق المؤهلة واعادة النظر في المخرجات المطلوبة من النظام التعليمي في مصر ، وحقيقة الامر ان الوطن بحاجة فعلية لذلك ليس فقط لانجاح تجربة الكويز المصرية بل لانجاح الدولة والخروج بانتاجها الى الخارج لتحتل مكانتها في عالم لا يعرف سوى الانتاج الجيد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراحل ابرام المعاهدات في القانون الدولي.. د. سيد عبد الماجد

تاريخ اكتشاف النفط في قطر .. د. سيد عبدالماجد

الاجماع .. كأحد مصادر التشريع الاسلامي