شخصية عبد الرحمن الداخل.. د سيد عبد الماجد

 

شخصية عبد الرحمن الداخل

( 128 هـ - 172 هـ )

تعريف بالشخصية :

أبو المطرَّف عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي القرشي (113 - 172 هـ / 731 - 788م) المعروف بلقب صقر قريش وعبد الرحمن الداخل، والمعروف أيضًا في المصادر الأجنبية بلقب عبد الرحمن الأول. أسس عبد الرحمن الدولة الأموية في الأندلس عام 138 هـ، بعد أن فر من الشام إلى الأندلس في رحلة طويلة استمرت ست سنوات، إثر سقوط الدولة الأموية في دمشق عام 132 هـ، وتتبع العباسيين لأمراء بني أمية وتقتيلهم.

دخل الأندلس وهي تتأجج بالنزاعات القبلية والتمردات على الولاة حيث قضى عبد الرحمن في فترة حكمه، التي استمرت 33 عامًا، في إخماد الثورات المتكررة على حكمه في شتى أرجاء الأندلس، تاركًا لخلفائه إمارة استمرت لنحو ثلاثة قرون[1].

البداية :

انتصر العباسيون على الامويين في معركة الزاب الاعلى ، مما ادى الى انهيار عصر ، وبدأ عصر جديد، سقطت الخلافة الاموية بعد مقتل اخر خلفائهم مروان بن محمد سنة 132هـ ، وبانهيار الخلافة الاموية ، ضاعف العباسيون من انتقامهم من الامويين وتعقبوهم بالقتل والتشريد ، وخاصة من قبل والي الشام عبد الله بن العباسي الذي يعرف عنه مذبحة نهر ابو فطرس جنوب الشام ، حيث قتل جميع الامويين ، ما عدا قلة استطاعت الهرب من المذبحة ، كان على رأسهم الامير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك " الملقب بـ عبد الرحمن الداخل" . حيث هرب الى فلسطين ثم الى مصر ومنها الى برقة على اثر علمه بمطاردة العباسيين له واقترابهم منه ، فواصل الهرب الى القيروان التي كانت تحت حكم بعد الرحمن الفهري الذي علم بمطاردة العباسيين لعبد الرحمن الداخل ومن معه من الامويين ، ومع خوف عبد الرحمن الفهري من عقاب العباسيين ، بدأ في التعاون معهم في قتل من يصل الى القيروان من الامويين ، مما دعى عبد الرحمن الداخل الى مواصلة الهرب غربا باتجاه المغرب الاقصى ، حيث استقر  لدى قبيلة نفرة البربرية قرب طنجة[2] .

كانت الاحوال السياسية في بلاد الاندلس القريبة من المغرب الاقصي في حال اضطراب دائم حيث الصراع بين العرب والثورات الداخلية في مناطق الاندلس المختلفة ، في ظل تراجع نفوذ يوسف الفهري الذي لم يستطع مواجهة الثورات المتواصلة ضد حكمه بسبب المجاعات والظلم الواقع على اهل الاندلس ، فقد ساءت الاحوال الاقتصادية والاجتماعية[3].

قرر المتأهب عبد الرحمن الداخل استغلال الوضع السياسي المضطرب في الاندلس لصالحه من اجل تحقيق طموحاته السياسية في الخلافة واحياء دولة الامويين التي ما كادت تغرب شمسها في المشرق العربي على ايدى العباسيين، واحياءها مرة اخرى ولكن في بلاد الاندلس .

بدأ عبد الرحمن االداخل في مراسلةاهل الاندلس وعلى راسهم الصميل بن حاتم زعيم المضرية ، ودعاهم الى الاخلاص لسادتهم الامويين ، وبدأت خطته تنجح عندما طلب منه القيسية الحماية ، كما رحب به الصميل في اول الامر وما ان علم بطموحات الداخل حتى تراجع عن تأييده خوفا على نفوذه في الاندلس[4].

ثم اتجه عبد الرحمن الداخل الى اليمنية اعداءالصميل ونجح في ضمهم تحت قيادته ، حيث ابدى لهم استعداد لمعاونتهم في القضاء على اعدائهم ، وهكذا انضم الموالي الامويين واليمنية الى عبد الرحمن الداخل.

تزامن سعي عبد الرحمن الداخل لتحقيق طموحه في الاندلس ، هزيمة يوسف الفهري والي الاندلس من النصارى الاسبان في جليقيقة والبشكنس ، كان لهذه الهزيمة دورها الكبير في انضمام موالي بني امية في قرطبة الى عبد الرحمن الداخل القادم من الشاطئ الجنوبي للاندلس واعلانهم الانضمام اليه ،

وبدأت رحلة عبد الرحمن الداخل من الجنوب الاندلس نحو الشمال ، وفي طريقة تنضم اليه الجماعات من الامويين و عرب الشام واليمنية والبربر ، وكلما مر بمنطقة نال الترحيب والدعم من اهل المناطق وتأيدهم له ، الى ان وصل الى نهر قرطبة حيث تقف على الجانب الاخر منه جيوش بوسف الفهري[5] .

استخدم عبد الرحمن االداخل اسلوب الخداع الحربي في معركته مع يوسف الفهري ، حيث اظهر له الرغبة في اصلح وحقن الدماء ، واستغل يوم عرفه في العام 138 هـ ، في هذه احكام خديعته ، حيث سمح يوسف الفهري الى جيش عبد الرحمن بعبور النهر ، وبالعبور ، اعلن عبد الرحمن الداخل رفضه للصلح الا بالاعتراف به اميرا للاندلس ، فدارت معركة المصارة بالقرب من قرطبة انتهت بانتصار عبد الرحمن الداخل يوم عيد الاضحى من العام 138 هـ ، ودخل قرطبة منتصرا ، وتمت مبايعته في قصر الامارة وقامت الخلافة الاموية مرة اخرى ، ولكن في الاندلس وامتدت امارته فيها ثلاثا وثلاثين سنة حتى عام 172هـ[6]ـ

اولا-  تأسيس الدولة والثورات الداخلية

عبد الرحمن الداخل:

هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك ، والمولود في الشام في عهد الخلافة الاموية ، في عا 125 هجرية

تولى الحكم لعبد الرحمن الداخل في قرطبة في العام 138 هـ، وبهزيمة يوسف الفهري وفراره ثم مقتله في طليطلة ، وسجن الصميل حليف يوسف الفهري وانتهت فترة سجنه بالقتل داخل السجن. وقد اقام الداخل دولته في الاندلس بمساعدة كبيرة من العرب اليمنين والبربر البلديين ، الذي فطنوا الى دورهم الكبير في نجاح الداخل في الوصول الى الحكم ، حتى اعتبروا انفسهم السبب الرئيسي في ذلك ، مما اثار الكثير من الاضطرابات بين اهل الاندلس من آن لاخر  ، حيث انطلقت موجات من الثورات والفتن الداخلية كان من ابرزها[7]:

1- ثورة هشام بن عروة الفهري سنة 144 هـ - 145 هـ: اعلن التمرد على عبد الرحمنم الداخل عقب مقتل يوسف الفهري في طليطلة ، حيث استقل بها عن حكومة الداخل في قرطبة ، وبعد حصار شديد من الداخل اعلن هشام الطاعة والخضوع ، ثم عاد للتمرد والعصيان ، وحاصره الداخل مرة ثانية ، فاضطر الى تسليم زعماء الثورة لجيش عبد الرحمن الداخل مقابل فك الحصار عن طليلطة ، وامر الداخل بقتل جميع زعماء الثورة[8].

2- ثورة العلاء بن مغيث الجذامي سنة 146 هـ : قامت الثورة في غرب الاندلس بتحريض من الخليفة العباسي  ابي جعفر المنصور ، وقادها العلاء بن مغيث وهو احد زعماء العرب اليمنية ، حيث قام واتباعه باعمال السلب ولنهب وامر الناس بطاعة الخليفة العباسي ، ورفع الاعلام السوداء ، شعار دولة العباسيين ، ومع كثرة جند اليمنية بدى الخطر كبيرا على عبد الرحمن  الداخل ، خاصة بعد ان توجه العلاء بجيشه نحو قرطبة وحاصر الداخل وجيشه فيها ، ثم دارت بينهم معركة انتهت بانتصار عبد الرحمن الداخل ، وقتل العلاء وارسل رأسه الى جعفر المنصور الخليفة العباسي .

3- تحالف الاندلسيين مع قوى خارجية : من الثورات الخطيرة ثورة الاندلسيين مثل سليمان الاعرابي والي سرقسطة والرماحي والي الجزيرة وغيرهم ، وساندهم الخليفة العباس المهدي ، وشارلمان امبراطور الفرنجة ، والصقلبي احد زعماء العرب بالمغرب ، وقد فشلت المؤامرة على الداخل نتيجة الاختلافات بين المتأمرين وتشتت جمعهم ، وانتصر عبد الرحمن الداخل بلا حرب.

كما ان هناك العديد من الثورات الاخرى التي هددت حكم عبد الرحمن الداخل مثل ثورة سعيد اليحصبي المعروف بالمطري سنة 149 هـ ، وثورة البربر شقيا المكناسي سنة 152 هـ ، وثورة المغيرة بن الوليد بن معاوية بالاشتراك مع هذيل بن الصميل بن حاتم.

ثانيا- انجازات عبد الرحمن الداخل في الاندلس :  

على الرغم من الثورات الداخلية والتهديدات الخارجية ، فقد كانت الاندلس في عصره تتمتع بازدهار كبير في العلوم والاداب والعمارة ، خاصة مع تأثر الداخل بنشأته في الشام حيث الخلافة والحضارة الاسلامية ن والتي نقل الكثير منها الى الاندلس ، فاهتم بالشعر والادب وكرم الشعراء حتى انه كان يقول الشعر وله الكثير من ابيات الشعر التي مازالت محفوظة الى اليوم[9].

وقد اعاد عبد الرحمن الداخل بناء جامع قرطبة سنة 169 هـ واهتم بعمارته وزخرفته ، كما اهتم ببناء القصور خارج العاصمة مثل قصر الرصافة في ضواحي قرطبة ، وجعلها للراحة بعيدا عن قصر الحكم في قرطبة  ، كما اهتم بانشاء قصور الادارة على ناحية نهر قرطبة " نهر الوادي الكبير" واحاط القصور بالحدائق ، وفتح بابا بين النهر وسور القصور والمسمى بباب السدة ، ويعتبر عبد الرحمن الداخل اكثر من اهتم بتطوير قرطبة حتى صارت عاصمة حديثة متطورة تتميز بتزايد النمو السكاني ، واحاطها بالمباني والقصور وفقا للعمارة الاسلامية الشامية.  

وعلى الجانب الديني كان اهتمام عبد الرحمن الداخل باحكام الحرب والجهاد واستغلها لصالح طموحاته في السيطرة على بلاد الاندلس ضد الامارات الاسبانية الفرنجية في الشمال ، وكان هذا الاتجاه نابعا ومنطلقا من مذهب الفقيه الاوزاعي[10].

اما على جانب الادارة فقد كان عبد الرحمن الداخل امويا صرفا في رؤيته لادارة الدولة ، حيث وضع سياسة حكيمة لبناء دولة الاندلس الاموية ، فوضع الاسس الادارية والمالية التي تمكن اهلها من مواجهة الضعف الاقتصادي، لذلك قسم البلاد الى مقاطعات ، والمقاطعات الى كور ، وكل كورة عليها عامل او والي يقيم فيها ، وجعل على رأس الحكومة وظيفة الحاجب وهو يعتبر مستشار الامير ، ويراس الجهاز التنفيذي للدولة وينوب عن الامير .

اما على جانب النظام العسكري ، نظم الجيش بعديا عن الاندلسيين ، واستطاع ان يضم اعداد كبيرة من اسرى الصقالبة الاوروبيين ، وبلغ تعداد الجيش حوالي اربعين الف جندي .

ثالثا-  وفاته :

توفى الامير عبد الرحمن الداخل في ربيع الثاني 172 هـ ، حيث توفى عن عمر ناهز الستين عاما ، حيث مر برحلة طويلة من الشرق الى اقصى الغرب في صراعات مستمرة اختتمها باقامة دولته في الاندلس ، وارسى دعائم الاسلام في هذه البلاد ، بعد التهديدات الكثيرة والاضطرابات التي عانت منها بسبب الصراعات الداخلية والتحالفات مع الفرنجية في الشمال الاسباني ، وقد نجح في ان يقيم ويؤسس لمرحلة جديدة للخلافة الاموية ولكن في بلاد الاندلس  ، ومن بعده انتقل الحكم لابنه هشام بن عبد الرحمن الداخل[11].

خاتمة القول يعد عبد الرحمن الداخل احد الشخصيات التاريخية الهامة في التاريخ الاسلامي، حيث قدمت لهذه الشخصية من خلال رحلة تاريخية موجزة تتضمن هروبة من بطش العباسيين بعد سقوط الخلافة الاموية في دمشق ، وانتقاله الى فلسطين ومنها الى مصر ثم القيروان ثم المغرب الاقصى ، حيث مكث ينتظر الفرصة للتأهب للانتقال الى الاندلس  ، وقد استغل فرصة الاضطرابات الداخلية بين المناطق وزعمائها ، وبدأ في التودد الى القبائل ومراكز القوى في المناطق الى ان دخل الاندلس وحيدا غريبا ، فاخذ يجمع الانصار والموالي من العرب والبربر وغيرهم حوله مكونا جيشا نال تعاطف الاندلسيين وترحيبهم ، الى ان استطاع القضاء على حاكم الاندلس يوسف الفهري والصميل بن حاتم ، ومن ثم بويع على الخلافة في قرطبة ، ولم يلبث حكمه مستقرا طويلا ، فقد بدا الثورات المتتالية على حكمه ، وقد عددنا بعضها مثل ثورة هشام الفهري ، والجذامي ، واستطاع القضاء على هذه الثورات ، وان كان قد استعمل العنف في الضرب بيد من حديد على كل الثوار حتى ان قطع رأس ابي العلا الجذامي وارسلها الى ابي جعفر المنصور ، ولذلك قال المنصور فيه قولته المشهور ، هذا " صقر قريش" .

ومع الاضطرابات المتتالية في الاوضاع السياسية المحيطة بعبد الرحمن الداخل والتي استطاع القضاء عليها ووأدها بهذه الطرق العنيفة ، بدا نوع من الاستقرار النابع من الخوف يحيط بالاندلس ، ومن ثم بدأت الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تتطور وبشكل لافت ، حيث نقل الداخل رؤيته الثقافية والحضارية والادارية الى بلاد الاندلس ، وبدأ يهتم بالعمران وانشاء القصور والطرق ، وتنظيم الامور المالية بحيث يواجه مراحل الكساد الاقتصادي، كما وضع نظما للجيش وكونه من جنود متجانسة ليس بينها حساسيات من اجل ان يواجه بالجيش اي قوة او ثورة على حكمه ، كما نظم الادارة حيث قسم الاندلس الى مقاطعات ، وكور وولي عليها عمال وولاه ، كما اهتم بالاداب والفنون والشعر بشكل خاص ، وتحولت الاندلس في عصره الى واحة كبيرة للشعر والادب والثقافة.

وبعد هذا البحث يمكنني القول انني توصلت الى الاتي:

اولا- ان النجاح الذي احرزه عبد الرحمن الداخل وتأسيس الامارة في الاندلس لم يعتمد فقط على نبوغه وشجاعته واقدامه ، ولكن كان هناك العديد من العوامل التي تتضافرت حتى تهيأ له الدخول بداية الاندلس ، ثم الانقضاض على حكمها ، واستقررا الحكم له ، فقد ساهمت ظروف الاضطرابات بين حكام المناطق المختلفة في الاندلس ، الى تحفيز عبد الرحمن الداخل الى الانطلاق نحو الاندلس ، واستجمع فيها بعض القبائل ، ومن ثم دخل حرب ضد يوسف الفهري وتمكن منه بالخديعة وقتله لاحقا ثم قتل الصميل ، ثم قتل جميع الثورا وزعمائهم ، وهكذا فان مجموع هذه العوامل ساهمت بشكل كبير في تثبيت حكم عبد الرحمن الداخل وتأسيس دولته الوليدة في الاندلس .

ثانيا- يعتبر عبد الرحمن الداخل احد القادة التاريخيين الذين جمعوا الشجاعة والذكاء الى جانب الشعر والذوق الرفيع ، حيث كان يقول الشعر ، كما كان يقتل اعداءه بلاهواده ، حتى ان ابو جعفر المنصور قال عنه هذا " صقر قريش".

ثالثا- ترك عبد الرحمن الداخل الاندلس حيث العمران والثقافة والاهتمام بالعلوم ،كما اهتم بالجانب الديني وتنظيم الجيش والادارة والمالية ، وهى تمثل في ذلك الوقت طفرة هائلة في الحضارة ، حيث نقل معظم معالم الحضارة الاسلامية في العصر الاموي الى الاندلس ، لذلك نشهد الى اليوم اثار هذه الحقبة متجلية في قرطبة .

رابعا- ان الامارة التي اسسها الامير عبد الرحمن الداخل استمرت في النهضة بعد وفاته ، حيث انتقل الحكم لابنه هشام والذي اتصف بالكثير من العدل والورع .

المراجع

1.  حسن على حسن ، د عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح ، دراسات في تاريخ المغرب والاندلس ، مكتبة الشباب، مصر ، 1998

2.  طه عبد المقصود عبد الحميد ، عبية ، موجز تاريخ الاندلس من الفتح الى سقوط غرناطة ، مكتبة المهتدين الاسلامية لمقارنة الاديان ، مصر

3.  عبد المجيد نعنعي ، تاريخ الدولة الاموية في الاندلس " التاريخ السياسي"، دار النهضة العربية للطباعة والنشر  ، بيروت ،بدون سنة نشر ، ص 148.

4.  على صدام نصر الله ، مبالغة الرويات في دور عبد الرحمن الداخل في تأسيس الامارة الاموية بالاندلس ، مجلة ابحاث البصرة للعلوم الانسانية ، العدد 6 ، المجلد 42 ، 2017م

5.  راغب السرجاني ، قصة الاندلس من الفتح الى السقوط ، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة ، مصر ، 2011

6.    مؤنس ، معالم تاريخ المغرب والاندلس ، دار الرشد ، مصر ، 2000م

7.    يوسف دويدار ، المجتمع الاندلسي في العصر الاموي، مطبعة الحسين الاسلامية ، مصر ، 1994

 

 



[1] هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب. كنيته: أبو المطرف وقيل أبا زيد وقيل أبا سليمان، وكانت أمه سبية بربرية من قبيلة نفزة اسمها راح أو رداح.

ولد سنة 113 هـ/731 م في خلافة جده هشام بن عبد الملك، في بلاد الشام عند قرية تعرف بدير حنا، وقيل ولد بالعليا من أعمال تدمر. توفي أبوه شاباً عام 118 هـ في خلافة أبيه هشام بن عبد الملك، فنشأ عبد الرحمن في بيت الخلافة الأموي بدمشق حيث كفله وإخوته جده هشام. وكان جده يؤثره على بقية إخوته ويتعهده بالصلات والعطايا في كل شهر حتى وفاته.

ويروى أن عم أبيه الفارس مسلمة بن عبد الملك والذي كان له باع طويل في علم الحدثان قد وصلته نبوءة تقول بأن عدواً سيأتي من الشرق ويقضي على الحكم الأموي، إلا أن فتى أموياً سوف يتمكن من إقامته من جديد في بلاد الأندلس٬ وعندما نظر مسلمة إلى عبد الرحمن لأول مرة في رصافة هشام بعد وفاة أبيه رأى في وجهه العلامات التي تدل على أنه الأموي المقصود.

وعندما أقام العباسيون دولتهم على أنقاض الدولة الأموية، هدفوا إلى تعقب الأمويين والقضاء عليهم خشية أن يحاولوا استرداد ملكهم، فقتلوا بعضهم مما جعل الباقين منهم يستترون. حينئذ، أظهر العباسيون الندم على ما كان منهم، وأشاعوا أنهم أمّنوا من بقي من الأمويين حتى اجتمع منهم بضع وسبعون رجلاً منهم أخ لعبد الرحمن يدعى يحيى، فأفنوهم. وحين بلغ عبد الرحمن بن معاوية ذلك، هرب من منزله بدير حنا من أعمال قنسرين، وأوصى بأن يتبع بولده سليمان وأختيه أم الأصبغ وأمة الرحمن. حتى بلغ قرية على الفرات، اختبأ بها. وذات يوم، اشتكى فيه عبد الرحمن الرمد، فلزم ظلمة داره، وإذا بابنه سليمان وهو ابن أربع سنين يدخل عليه فزعًا باكيًا، فتوجس عبد الرحمن وإذا برايات العباسيين في القرية، ودخل عليه أخ له صغير يخبره الخبر. فعمد عبد الرحمن إلى دنانير تناولها، ثم أعلم أختيه بمتوجهه، وفر هو وأخوه. بعدئذ، وشى به عبد من عبيده، تعقبته فرسان العباسيين، فلم يجدا أمامهما مهربًا إلا عبور النهر. وإذ هما في منتصف النهر، أغرتهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان، فرجع أخوه خشية الغرق، وغرر به وقتله العباسيون، وكان عمر أخيه ثلاث عشرة سنة، بينما نجح عبد الرحمن بالوصول إلى الضفة الأخرى. ثم ألحقت به أخته أم الأصبغ مولاه بدر ومولاها سالمًا بمال وشيء من الجواهر، فتوجه عبد الرحمن بالموليين صوب إفريقية.

[2] د. على صدام نصر الله ، مبالغة الرويات في دور عبد الرحمن الداخل في تأسيس الامارة الاموية بالاندلس ، مجلة ابحاث البصرة للعلوم الانسانية ، العدد 6 ، المجلد 42 ، 2017م ، ص 153

[3] طه عبد المقصود عبد الحميد ، عبية ، موجز تاريخ الاندلس من الفتح الى سقوط غرناطة ، مكتبة المهتدين الاسلامية لمقارنة الاديان ، مصر ، ص 60

[4]  مؤنس ، معالم تاريخ المغرب والاندلس ، دار الرشد ، مصر ، 2000م ، ص 309.

[5]  نصر الله، مرجع سابق، ص 157.

[6] حسين مؤنس ، معالم تاريخ المغرب والاندلس، مرجع سابق، ص 310.

[7] د. عبد المجيد نعنعي ، تاريخ الدولة الاموية في الاندلس " التاريخ السياسي"، دار النهضة العربية للطباعة والنشر  ، بيروت ،بدون سنة نشر ، ص 148.

[8] د. حسن على حسن ، د عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح ، دراسات في تاريخ المغرب والاندلس ، مكتبة الشباب، مصر ، 1998، ص 83.

[9] راغب السرجاني ، قصة الاندلس من الفتح الى السقوط ، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة ، مصر ، 2011 ص 46‏

[10] يوسف دويدار ، المجتمع الاندلسي في العصر الاموي، مطبعة الحسين الاسلامية ، مصر ، 1994، ص 47.

[11]  نعنعي ، تاريخ الدولة الاموية في الاندلس " التاريخ السياسي"،مرجع سابق،ص 152

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراحل ابرام المعاهدات في القانون الدولي.. د. سيد عبد الماجد

تاريخ اكتشاف النفط في قطر .. د. سيد عبدالماجد

الاجماع .. كأحد مصادر التشريع الاسلامي