مزايا تطبيق قانون العنوان الوطني على سير التقاضي وفقا للقانون القطري

 

 

مزايا العنوان الوطني على سير التقاضي

 وفقا للقانون القطري

لقد نظم الدستور والقانون حق التقاضي امام المحاكم من اجل المطالبة بالحقوق والمراكز القانونية وحمايتها ضد اي اعتداء من الغير ، وبذلك قرر المشرع الحماية القانونية للاشخاص ، ما بقى ان تؤدي القوانين الى تحقيق العدالة الناجزة ، الا ان الناظر الى حال المحاكم اليوم يجد ان من اكثر المشاكل التي يواجهها المتقاضين امام المحاكم هى مشكلة بطء اجراءات التقاضي .

واذا تتبعنا المشكلة نجد ان ثغرات القانون يستغلها المتقاضون للنيل من خصومهم ، ولعل ابرز هذه الثغرات ما يتعلق بالاعلانات القضائية ، وهو ما يحاول المشرع ، ببطء ايضا ، علاجه ،فما هو واقع المشكلة؟ وكيف تعامل المشرع معها ؟

نظم القانون الاجرائي العام في قطر وهو قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1990  طرق الاعلانات القضائية في عدد من النصوص ، منها نص المادة السابعة من القانون عندما قررت ان تسليم الاعلان للمدعى عليه يجب ان يكون له شخصيا او في موطنه او في موطنه المختار ، فإذا لم يتمكن من تسليم الاعلان في موطنه ، فيجوز ان يسلم الاعلان الى وكيل المدعى عليه او خادمه او من يقيم معه سواء الزوج او احد الاقارب او الاصهار ممن يجوز له تسليمهم الاعلان. وبالنسبة لاعلان الموظفيين العموميين ، فيجري اعلانهم في مقر اعمالهم. ثم تضيف المادة الثامنة من القانون انه يجوز – في حال عدم القدرة على اعلان الاشخاص بالطرق والوسائل السابقة – ان يجري اعلانهم اداريا في مركز الشرطة.

هذه الخيارات الكثيرة ادت الى استغلال الخصوم الدفع ببطلان الاعلان لعدم تسليمه بالشكل القانوني ، حيث يحرص المدعي عليه على ان يدفع اما المحكمة بانه لم يتسلم الاعلان ، وبالتالي تطول اجراءات التقاضي لامد مضاعف ، فتتاخر العدالة الناجزة ، وتضيع الحقوق وتتواصل الاعتداءات على الحقوق و المراكز القانونية للاشخاص ، بل قد تصل الامور الى فرار المدعى عليهم من العدالة الى الابد ، كما يحدث عند تمكن احد المتقاضيين من السفر خارج البلاد ولم يعد بعدها ، ثم صدر الحكم لاحقا ، ولكن بلا قيمة عملية.

ومن القضايا العملية التي تثبت دور الاعلانات في بطء التقاضي ، ما جاء في حكم محكمة التمييز القطرية في الطعن رقم 90 لسنة 2006 بجلسة 16 يناير 2007 ، حيث جاء في وقائع الحكم ان من يقوم بالاعلان اجاب القاضي بأن الهاتف مقطوع والعنوان غير كافي للبحث ، ثم تم الاعلانان بالارشاد ، فاجاب المرشد بأنه لم يستدل على العنوان ، ثم تم اللجوء الى الاعلان عن طريق الشرطة ، فاثبتت الوقائع ان التحريات لم تكن جادة للعثور على الشخص ، وقد ادى ذلك في نهاية الامر الى بطلان اعلان صحيفة الاستئناف، ما حدى بالشخص الى الطعن بالتمييز وطرح هذه الوقائع على المحكمة ، وهكذا تضيع الحقوق وتطول المدة و يتضاعف الجهد من اجل الحصول على العدالة الناجزة التي تنسفها طرق الاعلان التقليدية وثغراتها التي يستغلها اطراف الخصومة .   

هذه المشاكل المستمرة منذ امد طويل ، بدأ المشرع في محاولة علاجها بطرق بدت غير تقليدية وحديثة وتتوافق مع تطورات العصر ، فصدر القانون رقم 24 لسنة 2017 بشأن العنوان الوطني والذي حدد طريقة واحدة للاعلان في المادة الثانية والتي جاءفيها ان على كل شخص طبيعي مقيم في الدولة سواء كان مواطن او اجنبي او وكيله ان يتخذ عنوانا وطنيا ( المادة 1 من القانون ) والذي يتضمن مجموعة من البيانات نصت عليها المادة 2 من القانون ، وتشمل 6 بيانات اساسية وهى ( عنوان المسكن ، رقم الجوال ، بريد الشخص الالكتروني ، جهة العمل ، عنوانه الدائم خارج قطر اذا كان له عنوان ، بالاضافة الى اية بيانات اخرى تحددها وزراة الداخلية والتي يجوز ان تختار احد البيانات السابقة في توجيه الاعلانات الى المكلفين ، ويكون في اطار المحاكم هم" المتقاضين في المحاكم.

وقد اكد القانون الجديد على المكلف يجب عليه ان يقدم الى وزارة الداخلية كافة البيانات الواردة في المادة 2 ، وذلك في المواعيد التي يحددها وزير الداخلية ، فاذا لم يقم بهذا التكليف ، فإن اية اعلانات توجه اليه على اي من الجهات المحددة في المادة 2 تكون صحيحة قانونا ومنتجه لاثارها امام القضاء.

وبذلك اعتقد ان المشرع بدأ يتغلب على مشكلة التلاعب بالاعلانات امام المحاكم وادعاء عدم حصول الاعلانات لاشهر طويلة بل احيانا لسنوات مما كان يتسبب في ضياع الحقوق وهدر العدالة .

لماذا يحد القانون الجديد من مشكلة بطء التقاضي التي تسببت في ثغرات الاعلانات القضائية ، اعتقد ان تحديد العنوان الوطني بشكل قاطع في الجهات المحددة في المادة 2 من قانون العنوان الوطني ، يجعل من التهرب وادعاء عدم حدوث الاعلان امرا مستحيلا ، ذلك ان الوسائل المطروحة في المادة المذكورة لا يمكن بحال ان يتجاهلها الشخص ، وفي فرض تجاهلها ، وفي فرض العذر المرضي "المعتاد من المدعى عليهم" فان اثبات مرضهم من عدمه من السهل اثباته ونفيه من خلال اوراق طبية صادرة من مؤسسة طبية رسمية،  فأن الاعلان الذي يجري عليها فهو اعلان صحيح قانونا وفقا للمادة 3 من القانون الجديد.

وقد يلجأ الاشخاص الى تغيير عنواينهم للتهرب من العنوان الوطني المحدد ، لذلك عالجت المادة 4 من القانون هذا الفرض ، حيث الزمت كل مكلف بأن يقوم باخطار وزارة الداخلية بأية تعديلات او تغييرات على بيانات عنوانه الوطني في مواعيد محددة ، وفي حال لم يقم بهذا الاجراء فانه المكلف يتحمل عواقب ذلك ، والتي حددتها واكدتها على المادة 4 في ان المكلف يكون قد اعلن بالفعل على البيانات الثابتة لدى وزراة الداخلية حتى مع فرض ان عنوانه تم تغيير بالفعل ، الا ان المعتمد في العنوان هو الثابت لدى وزارة الداخلية.

دكتور/ السيد عبد الماجد

الاسكندرية 

في 30 مايو 2022 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراحل ابرام المعاهدات في القانون الدولي.. د. سيد عبد الماجد

تاريخ اكتشاف النفط في قطر .. د. سيد عبدالماجد

الاجماع .. كأحد مصادر التشريع الاسلامي